وحاصله أن "السبع المثاني، والقرآن العظيم" هي الفاتحة، للنصوص الصحيحة الصريحة، ولكن هذا لا ينافي أن يوصف غيرها بهذا الوصف، كوصف القرآن بأنه مثاني، حيث وصفه الله به في قوله:{كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}[الزمر: ٢٣].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله بعد ذكر ما أخرجه البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم"، ما نصه: فهذا نص في أن الفاتحة السبعُ المثاني، والقرآن العظيم، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطُّوَل بذلك، لما فيها من هذه الصفة، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضًا، كما قال تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} فهو مثان من وجه، ومتشابهٌ من وجه، وهو القرآن العظيم أيضًا، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فأشار إلى مسجده، والآية نزلت في مسجد قباء، فلا تنافي، فإن ذكر الشيء لا ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة. والله أعلم. انتهى كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.