قال: وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته، فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها.
وهو بإطلاقه مردود عليه. وكذا قول عياض: هذا الحديث لم يخرجه أحدا من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده. وكذا قوله: ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم، ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية.
قال: وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره إلا طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير، مع الشك الذي وقع في وصله، وأما الكلبي فلا تجوز الرواية عنه لقوة ضعفه. ثم رده من طريق النظر بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم، قال: ولم ينقل ذلك. انتهى.
ثم رد على ما قال ابن العربي، وعياض بما لا طائل تحته، فلذا أعرضت عن ذكره.
والصواب أن ما قالاه هو الحق الذي لا محيد عنه، فإن ضعف هذه الأحاديث مما لا يخالف فيه الحافظ، ولكنه يرى لها قوة بكثرة طرقها، وتباين مخارجها, لكن ثبوت مثل هذا الأمر الخطير والنبإ الجسيم الذي فيه مَدخَلٌ لأهل الزيغ والإلحاد في الطعن في الوحي وفي تبليغه بمثل هذه الإخبار الضعاف بعيد عن الحق كل البعد لمن تأمل بإنصاف، ونصوص كتاب الله تعالى صريحة في بطلان مثل هذا، كما سيأتي قريبًا.