ثم أسند عن ابن عباس في قوله تعالى:{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}[الروم: ٢٧] يقول: ليس كمثله شيء، وفي قوله تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم: ٦٥] هل تعلم له شبهًا أو مثلًا.
وفي حديث الباب حجة لمن أثبت أن لله صفة، وهو قول الجمهور.
وشذ ابن حزم، فقال: هذه لفظة اصطلح عليها أهل الكلام من المعتزلة ومن تبعهم، ولم تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من الصحابة، فإن اعترضوا بحديث الباب، فهو من أفراد سعيد بن أبي هلال، وفيه ضعف، قال: وعلى تقدير صحته، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١]، صفة الرحمن كما جاء في هذا الحديث، ولا يزاد عليه بخلاف الصفة التي يطلقونها، فإنها في لغة العرب لا تطلق إلا على جوهر أو عرض. كذا قال.
قال الحافظ: وسعيد متفق على الاحتجاج به، فلا يلتفت إليه في تضعيفه، وكلامه الأخير مردود باتفاق الجميع على إثبات الأسماء الحسنى، قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف: ١٨٥].
وقال بعد أن ذكر منها عدة أسماء في "سورة الحشر": {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الحشر: ٢٤]، والأسماء المذكورة فيها بلغة العرب صفات، ففي إثبات أسمائه إثبات صفاته؛ لأنه إذا ثبت أنه حي مثلًا، فقد ثبت وصفه بصفة زائدة على الذات، وهي صفة الحياة، ولولا ذلك لوجب الاقتصار على ما ينبئ عن وجود الذات فقط، وقد قال سبحانه وتعالى: