من النبي - صلى الله عليه وسلم - حدده لهم كما استقر في مصحف عثمان، وإنما اختلفت المصاحف قبل أن يبلغهم التوقيف والعرض الأخير، فيتأول قراءته - صلى الله عليه وسلم - "النساء" أوّلًا، ثم "آل عمران" هنا على أنه كان قبل التوقيف والترتيب، وكانت هاتان السورتان هكذا في مصحف أبَيّ رضي الله عنه.
قال: ولا خلاف أنه يجوز للمصلي أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي قرأها في الأولى، وإنما يكره ذلك في ركعة، ولمن يتلو في غير صلاة، قال: وقد أباحه بعضهم، وتأول نهي السلف عن قراءة القرآن منكوسًا على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها، قال: ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف، وهكذا نقلته الأمة عن نبيها - صلى الله عليه وسلم -. انتهى كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى منقولًا من شرح النووي على "صحيح مسلم"(١).
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يترجح عندي قول من قال: إن ترتيب السور على ما هي عليه الآن كان بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما هو "المجمع عليه في ترتيب الآيات، فلا فرق بينهما في ذلك، وأما ما ثبت من قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - "النساء" قبل "آل عمران" ونحو ذلك فيحمل على بيان الجواز، وأن الترتيب غير لازم في القراءة، بل في الرسم والكتابة فقط، فيجوز أن يقرأ بالسورة قبل التي قبلها، أو يُحْمَلُ على أن ذلك كان قبل أن يُوحَى إليه يالترتيب، وأما اختلاف مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في ترتيبها، فيحمل على عدم وصول العلم إليهم بتوقيف النبي - صلى الله عليه وسلم -