(عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه -، أنه (قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجزىء صلاة) ببناء الفعل للفاعل، و"صلاة" بالرفع فاعله. وهو من الإجزاء رباعيا، ويحتمل أن يكون من الجزاء، ثلاثيا. أي تكفي، ولا تسقط القضاء.
قال الفيومي -رحمه الله-: جزى الأمرُ يَجزي، جَزَاءَ، مثلُ قَضَى يَقضِي قَضاءً وزنا ومعنى، وفي التنزيل:{يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} الآية [البقرة: ٤٨] وفي الدعاء: "جزاه الله خيرا"، أي قضاه له، وأثابه عليه، وقد يُستعمل "أجزأ" بالألف والهمزِ بمعنى، جَزَى، ونقلهما الأخفش بمعنى واحد، فقال: الثلاثي من غير همز لغة الحجاز، والرباعي المهموز لغة تميم، وجازيته بذَنْبه: عاقبته عليه، وجزيت الدين: قضيته، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بُرْدَة بن نِيَار - رضي الله عنه - لما أمره أن يُضَحِّيَ بِجَذَعَة من المَعْزِ: "تَجزِي عنك، ولن تَجزِيَ عن أحد بعدك". قال الأصمعي: أي ولن تقضي، وأجزأت الشاة بالهمز: بمعنى قضت، لغةٌ حكاها ابن القَطَّاع.
وأما أجزأ بالألف، والهمز، فبمعنى أغنى. قال الأزهري: والفقهاء يقولون فيه: أجزى من غير همز، ولم أجده لأحد من أئمة اللغة، ولكن إِنْ هُمِزَ أجزأ، فهو بمعنى كَفَى. هذالفظه.
وفيه نظر؛ لأنه إن أراد امتناع التسهيل، فقد توقف في موضع التوقف، فإن تسهيل همزة الطَّرَفِ في الفعل المزيد، وتسهيلَ الهمزة الساكنة قياسي، فيقال: أرجأتُ الأمرَ، وأرجيته، وأنسأت، وأنسيت، وأخطأت، وأخطيت، وأشطأ الزرعُ: إذا أخرجَ شطأه، وأشطى، وتوضأت، وتوضيت، وأجزأتُ السكينَ: إذا جعلت له نِصابًا، وأجزيته، وهو كثير، فالفقهاء جرى على ألسنتهم التخفيف.
وإن أراد الامتناع من وقوع أجزأ موقع جزى، فقد نقلهما الأخفش لغتين، كيف؟ وقد نص النحاة على أن الفعلين إذا تقارب معناهما جاز وضع أحدهما موضع الآخر، وفي هذا مَقْنَع لو لم يوجد نقل. وأجزأ الشيءُ مَجْزَأَ غيرِهِ: كفى، وأغنى عنه، واجتزأتُ بالشيء: اكتفيتُ. انتهى كلام الفيومي رحمه الله تعالى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: المراد بالإجزاء هنا: الإغناء عن الإعادة مرة ثانية. يعني أن الصلاة التي لي يوجد فيها إقامة الصلب لم تُغنِ، ولم تَكفِ عن إعادتها مرة ثانية؛ لأنها لم تصح. والله تعالى أعلم.