للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه الله- (ومنها): أن رجاله كلهم ثقات، ومن رجال الجماعة، سوى شيخه، فانفرد به هو والترمذي، وأنهم بصريون، سوى شيخه، وابن المبارك، فمروزيان (ومنها): أنه يُقَدَّر قبل قولهه: "عن قتادة" لفظ "كلاهما"، فيقال؛ كلاهما عن قتادة، يعني أن كلا من سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة يرويان هذا الحديث عن قتادة (ومنها): أن فيه أنسا - رضي الله عنه - أحد المكثرين السبعة، روى -٢٢٨٦ - حديثا، وهو آخر من مات من الصحابة - رضي الله عنهم - بالبصرة، مات سنة ١ أو ٢ أو ٩٣ - والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن أنس) بن مالك - رضي الله عنه -، وفي الرواية الآتية ٥٣/ ١١١٠ من طريق شعبة، عن قتادة التصريح بسماع قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - (عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أنه (قال: اعتدلوا في الركوع) أي توسطوا فيه بين الارتفاع والانخفاض، وقد تقدم في أول الباب أن المراد به استواء الظهر والعنق (و) اعتدلوا في (السجود) أي استووا فيه بوضع الكفين على الأرض، ورفع المرفقين عنها، والبطن عن الفخذين. أفاده الطيبي.

وقال في "الفتح": قوله: "اعتدلوا في السجود": أي كونوا متوسطين بين الافتراش والقبض. وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: لعل المراد بالاعتدال هنا وضع هيئة السجود على وفق الأمر؛ لأن الاعتدال الحسي المطلوب في الركوع لا يتأتى هنا، فإنه هناك استواء الظهر والعنق، والمطلوب هنا ارتفاع الأسافل على الأعالي. قال: وقد ذكر الْحُكم هنا مقرونا بعلته، فإن التشبه بالأشياء الخسيسة يناسب تركه في الصلاة. انتهى. والهيئة المنهي عنها أيضا مشعرة بالتهاون، وقلة الاعتناء بالصلاة. انتهى (١).

(ولا يبسط) "لا" ناهية، والفعل مجزوم بها، وهو من باب نصر (أحدكم) بالرفع على الفاعلية (ذراعيه) بالنصب على المفعولية (كالكلب) أي مثل بسط الكلب، وهو وضع المرفقين مع الكفين على الأرض. وشبهه بالكلب للتنفير عنه. قال القرطبي -رحمه الله -: لا شك في كراهة هذه الهيئات، ولا في استحباب نقيضها.

والحكمة في النهي عن ذلك أن رفع ذراعيه عن الأرض أقرب إلى التواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة، والأنف من الأرض في السجود، وأبعد عن هيئات الكسالى، فإن الباسط يشعر حاله بالتهاون بالصلاة، وقلة الاعتناء بها (٢). والله سبحانه وتعالى أعلم


(١) "فتح" جـ ٢ ص ٥٦٣.
(٢) راجع "المنهل" ج ٥ ص ٣٤٨.