قال الجامع عفا الله تعالى عنه: "النسخ" -بفتح، فسكون-: لغةً الرفعُ، والإزالة، ومنه نسخت الشمس الظلّ، والريحُ الأثرَ، وهو أصل معناه الاصطلاحي، ويطلق النسخ لغة أيضًا على النقل، والتحويل، ومنه تناسخ المواريث، واصطلاحا: رفع حكم شرعي بخطاب شرعي متراخ عنه. وقيل: بيان لانقضاء زمن الحكم الأول.
قال الحافظ السيوطي -رحمه الله- في "ألفية المصطلح":
النَّسْخُ رَفْغ أَوْ بَيَانٌ وَالصَّوَابْ … فِي الْحَدَّ رَفْعُ حُكْمِ شَرْعٍ بِخِطَابْ
وقال صاحب "مراقي السعود" رحمه الله تعالى:
رَفْعٌ لِحُكْمِ أَوْ بَيَانُ الزَّمَنِ … بِمُحْكَمِ الْقُرْاَنِ أَوْ بِالسُّنَنِ
فَلَمْ يَكُنْ بِالْعَقْلِ أَوْ مُجرَّدِ … الاجْمَاعِ بَلْ يُنْمَى إِلَى الْمُسْتَنَدِ
وَمَنْعُ نَسْخِ النَّصَّ بِالقِيَاسِ … هُوَ الَذِي ارْتَضَاهُ بَعْضُ النَّاسِ
والله تعالى أعلم بالصواب.
١٠٣٢ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي، وَجَعَلْتُ يَدَيَّ بَيْنَ رُكْبَتَيَّ، فَقَالَ لِي: اضْرِبْ بِكَفَّيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، قَالَ: ثُمَّ فَعَلْتُ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَضَرَبَ يَدِي، وَقَالَ: إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنْ هَذَا، وَأُمِرْنَا أَنْ نَضْرِبَ بِالأَكُفِّ عَلَى الرُّكَبِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (قتيبة) بن سعيد، ثقة ثبت [١٠]، ت ٢٤٠ (ع) تقدم ١/ ١.
٢ - (أبو عوانة) وضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة ثبت [٧]، ت ١٧٥ (ع) تقدم ٤١/ ٤٦.
٣ - (أبو يعفور) بفتح التحتانية، وبالفاء، وآخره راء، وهو الأكبر، واسمه وَقدَان بفتح الواو، وسكون القاف، ويقال: واقد، العبدي الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة [٤].
أدرك المغيرة بن شعبة، وروى عن ابن عمر، وابن أبي أوفى، وأنس، وعرفجة بن شريح، ومصعب بن سعد، وغيرهم. وعنه ابنه يونس، وإسرائيل، وزائدة، والثوري، وشعبة، وأبو الأحوص، وأبو عوانة، وابن عيينة، وغيرهم. قال أبو طالب، عن أحمد: أبو يعفور الكبير اسمه وَقْدان، ويقال: واقد، كوفي ثقة. وقال ابن معين، وعلي ابن المديني: ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وذكر ابن حبان في "الثقات"، يقال: مات سنة (١٢٠) انتهى. قال الحافظ: بل بعدها بسنتين؛ لأن ابن عيينة سمع منه، وكان ابتداء طلبه بعد العشرين. وذكر مسلم في "الطبقات" اسمه واقد، ولقبه وقدان. انتهى.