- رضي الله عنه - فمدني (ومنها): أن شيخه هو أحد المشايخ التسعة الذين يروي أصحاب الأصول الستة عنهم بلا واسطة، كشيخه عمرو الماضي في الباب الذي قبله، وقد تقدموا غير مرة (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم، عن بعض: وهم الأعمش، وإبراهيم، وأبو عبد الرحمن السلمي. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن عمر) بن الخطّاب - رضي الله عنه - (أنه قال: سنت لكم الركب) ببناء الفعل للمفعول، والجار والمجرور متعلق به، و"الركب" بالرفع نائب الفاعل. أي شُرعَ لكم أخذها، كما بينه بقوله (فأمسكوا بالركب) يحتمل أن يكون من الإمساك رباعيا، أومن الْمَسْكِ، ثلاثيا، فهمزته على الأول همزة قطع، وعلى الثاني همزة وصل.
قال في "القاموس"، و"شرحه": ومَسَكَ به، وأمسك به، وتماسك، وتَمَسَّكَ، واستمسك، ومَسَّكَ تمسيكا، كله بمعنى احتبس، واعتصم به. وقال في "المفردات": إمساك الشيء: التعلق به، وحفظُه، قال الله تعالى:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩]، وقوله تعالى:{وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[الحج: ٦٥]: أي يحفظها، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ}[الأعراف: ١٧٠]: أي يتمسكون به. وقال خالد بن زهير [من الطويل]:
وقال الأزهري في معنى الآية: أي يؤمنون به، ويحكمون بما فيه. قال: وأما قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة: ١٠]، فإن أبا عَمْرِو، وابن عامر، ويعقوب الحضرمي قرءوا:{وَلَا تُمْسِكُوا} بتشديدها، وخففها الباقون، وشاهِدُ الاستمساك قوله تعالى:{فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}[البقرة: ٢٥٦]. انتهى. (١)
والمعنى هنا: خذوا الركب بأكفكم.
والحديث يدلس على مشروعية أخذ الركبيتين بالكفين، وفيه إشارة إلى أن مجرد وضع اليدين على الركبتين، لا يكفي، بل لابد من إمساكهما. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.