للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استوى، وتوسط بين الارتفاع والانخفاض، ثم فسر الاعتدال بقوله (فلم يَنصِبْ رأسه) أي لم يرفعه، يقال: نصبت الخشبةَ من باب ضرب: أقمتُها، ونصبت الحجر: رفَعتُه علامةً. قاله الفيومي (١).

ويحتمل أن يكون بمعنى لم يخفضه، فإن النصب يطلق على الرفع والخفض، قال -رحمه الله-: ونصب الشيءَ: ورفعه، ورفعه، ضدّ انتهى (٢).

(ولم يُقنعه) بضم الياء، من الإقناع، أي لم يخفضه، أو لم يرفعه، فإن الإقناع يطلق أيضًا على الرفع، وعلى الخفض، من الأضداد، كما نقله المرتضى الزَّبيدي في "شرح القاموس" عن الزمخشري (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: فتحصل مما ذكر أن النصب، والإقناع يطلقان من باب الأضداد على الرفع والخفض، فإذا فسر أحدهما هنا بالرفع يفسر الآخر بالخفض. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وقال ابن الأثير -رحمه الله-: ووقع في بعض النسخ "فلم ينصب"، والمشهور "فلم يُصَوِّب"، أي لم يخفضه جدّا، وعلى هذا فالإقناع بمعنى الرفع، وكذا على ما في بعض النسخ: "فلم يَصُبَّ" من صَب الماءَ، والمراد الإنزال، يحمل الإقناع على معنى الرفع. قاله السندي رحمه الله تعالى (٤).

ووقع في رواية للبخاري: "ثم هصر ظهره".- بالهاء، والصاد المهملة المفتوحتين، أي ثَنَاه في استواء من غير تقويس. ذكره الخطابي. وفي رواية "غير مقنع رأسه، ولا مصوبه"، وفي رواية لأبي داود: "فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ووتَّرَ يديه، فتجافى عن جنبيه".

[تنبيه]: هذا الحديث أورده المصنف -رحمه الله- في أربعة مواضع، وقد اختصره في كلها، وقد ساقه البخاري، وأبو داود، وابن ماجه مطولا ومختصرا، وأتمها سياق ابن ماجه، ولفظه:

عن محمَّد بن عمرو بن عطاء، قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيهم أبو قتادة، فقال أبو حميد:


(١) "المصباح المنير" ص ٦٠٧.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١٧٧.
(٣) قال في "تاج العروس": قال الزمخشري: وقيل: الإقناع من الأضداد، يكون رفعا، ويكون خفضا. انتهى جـ ٥ ص ٤٨٨.
(٤) "شرح السندي" جـ ٢ ص ١٨٧.