للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا بَطلًا إِذَا الكُمَاةُ تَزَيَّنُوا … لَدَى غَمَرَاتِ الْموْتِ بِالْحَالِكِ الْفَدْم

يقول: كأنما تزينوا في الحرب بالدم الحالك، والْفَدْم: الثَّقِيل من الدم، والْمُفَدَّمُ مأخوذ منه، وثوب فدم ساكنة الدال: إذا كان مصبوغا بحمرة مشبعا، قال ابن بَرِّيّ: والفَدْمُ: الدم، قال الشاعر: [من الوافر]

أَقُولُ لِكَامِلِ فِي الحَرْبِ لَمَّا … جَرَى بِالْحَالِكِ الْفَدْمِ الْبُحُورُ

وفي الحديث: "أنه نهى عن الثوب الْمُفْدَمِ": هو الثوب الْمُشْبَعُ حمرةً كأنه الذي لا يُقْدَرُ على الزيادة عليه، لتناهي حمرته، فهو كالممتنع من قبول الصِّبْغ. انتهى (١).

وفي الحديث النهي عن لبس الثوب الأحمر، وقد اختلف أهل العلم فيه على سبعة أقوال، ذكرها في "الفتح":

(الأول): الجواز مطلقا. (الثاني): المنع مطلقا. (الثالث): يكره لبس الثوب المشبع بالحمرة، دون ما كان صبغه خفيفا. (الرابع): يكره لبس الأحمر مطلقا، لقصد الزينة والشهرة، ويجوز في البيوت والمهنة. (الخامس): يجوز لبس ما كان صبغ غزله، ثم نُسِج، ويمنع ما صبغ بعد النسج. (السادس): اختصاص النهي بما يصبغ بالمعصفر، لورود النهي عنه. (السابع): تخصيص المنع بالثوب الذي يصبغ كله، وأما ما فيه لون آخر غير الأحمر من بياض وسواد وغيرهما فلا، وعلى ذلك تحمل الأحاديث الواردة في الحلة الحمراء التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبسها، وهذا هو الذي رجحه العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى جمعا بين الأحاديث (٢). والله تعالى أعلم.

وتمام البحث في هذه المسألة، وتفاصيل المذاهب بأدلتها، ومناقشة ما لها، وما عليها سيأتي في محله من "كتاب الزينة"، إن شاء الله تعالى. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

١٠٤٣ - (أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا، يَقُولُ: "نَهَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ لَبُوسِ الْقِسِّيِّ، وَالْمُعَصْفَرِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَأَنَا رَاكِعٌ").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (عيسى بن حماد زغبة) أبو موسى الأنصاري المصري، ثقة [١٠]، ت ٢٤٨ (م د


(١) "لسان العرب" جـ ٥ ص ٣٣٦٥.
(٢) راجع "الفتح" جـ ١١ ص ٤٨٩ - ٤٩٠.