للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد". زاد في رواية ابن أبي أوفى: "اللَّهم طهرني بالثلج، والبرد، والماء البارد، اللَّهم طهرني من الذنوب كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الوسخ وزاد في حديث الآخرين: "أهل الثناء والمجد" الخ. وقد تقدم ترك إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - على من زاد في الاعتدال ذكرا غير مأثور، ومن ثم اختار النووي -رحمه الله- جواز تطويل الركن القصير بالذكر، خلافا للمرجح في المذهب.

واستدل لذلك أيضا بحديث حذيفة -رحمه الله- في مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعة بالبقرة، أو غيرها، ثم ركع نحوا مما قرأ، ثم قام بعد أن قال: "ربنا لك الحمد" قياما طويلًا قريبا مما ركع، قال النووي: الجواب عن هذا الحديث صعب، والأقوى جواز الإطالة بالذكر. انتهى.

قال الحافظ -رحمه الله-: وقد أشار الشافعي في "الأم" إلى عدم البطلان فقال في ترجمة [كيف القيام من الركوع]: ولو أطال القيام بذكر الله، أو يدعو، أو ساهيا، وهو لا ينوي به القنوت كرهت له ذلك، ولا إعادة، إلى آخر كلامه في ذلك.

فالعجب ممن يصحح مع هذا بطلان الصلاة بتطويل الاعتدال، وتوجيهه ذلك أنه إذا أطيل انتفت الموالاة. معترض بأن معنى الموالاة أن لا يتخلل فصل طويل بين الأركان بما ليس منها، وما ورد به الشرع لا يصح نفي كونها منها. والله أعلم (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد اتضح مما قاله المحققون من الشافعية، كالنووي، وابن دقيق العيد، والحافظ رحمهم الله تعالى أن قول من قال: إن الاعتدال ركن قصير ضعيف، بل باطل؛ لمنابذته للأحاديث الصحيحة.

والحاصل أن الاعتدال، والجلوس بين السجدتين يجوز تطويلهما بالأذكار بدون كراهة. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) "فتح" جـ ٢ ص ٥٤٧.