للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحيي: "حدثني أبو سلمة" (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة) - رضي الله عنه - أنه (قال: لأقربن لكم) من التقريب، أي لأقرّبنّ إلى أفهامكم بالبيان الفعلي صلاته حيث أصلي كما صلى، فخذوا بصلاتي، لتدركوا صلاته - صلى الله عليه وسلم -، فمراده الحث على الأخذ بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية البخاري: "لأقربن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -"، وللإسماعيلي: "إني لأقربكم صلاةً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

(فكان أبو هريرة) - رضي الله عنه - (يقنت) بضم النون، من باب قَعَدَ، أي يدعو (في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر، وصلاة العشاء الآخرة، وصلاة الصبح بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده) أي مع "ربنا، ولك الحمد" (فيدعو للمؤمنين، ويلعن الكفرة) جمع كافر، فقوله: "فيدعو الخ بيان لقوله: "يقنت". أي إن قنوت أبي هريرة - رضي الله عنه - في هذه الصلوات هو الدعاء للمؤمنين، ولعن الكفرة.

وقد تقدم في الباب الماضي من رواية الزهري، عن أبي سلمة في هذا الحديث أن المراد بـ"المؤمنين" من كان مأسورا بمكة، وبـ"الكفرة" قريش.

قال في "الفتح": قيل: المرفوع من هذا الحديث وجود القنوت، لا وقوعه في الصلوات المذكورة، فإنه موقوف على أبي هريرة - رضي الله عنه -، ويوضحه ما في "تفسير النساء" من "صحيح البخاري"، من رواية شيبان، عن يحيى من تخصيص المرفوع بصلاة العشاء، ولأبي داود من رواية الأوزاعي، عن يحيي: "قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العتمة شهرا"، ونحوه لمسلم، لكن لا ينافي هذا كونه - صلى الله عليه وسلم - قنت في غير العشاء، وظاهر سياق حديث الباب أن جميعه مرفوع، ولعل هذا هو السرّ في تعقيب البخاري له بحديث أنس - رضي الله عنه - "كان القنوت في المغرب والفجر". إشارة إلى أن القنوت في النازلة لا يختص بصلاة معينة. انتهى (١).

[قال الجامع عفا الله تعالى عنه]: قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: "لأقربن لكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" نص صريح في كون القنوت المذكور في هذه الصلوات مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو محمول على قنوت النوازل، فكان - صلى الله عليه وسلم - يقنت وقتا بسبب أسر المؤمنين، وشدة شوكة الكفار، فلما قدم المستضعفون تركه، فأراد أبو هريرة - رضي الله عنه - أن يبين للناس أن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان فيها قنوت في بعض الأحيان، فينبغي أن تقتدوا به في ذلك. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: هذا الحديث متفق عليه، وتقدم بيان المسائل المتعلقة به في الحديث


(١) "فتح" جـ ٢ ص ٥٤٢.