و"اللعن" بفتح، فسكون: الطرد، والإبعاد. يقال؛ لَعَنَهُ لَعْنًا، من باب نفع: طرده، وأبعده، أو سبه، فهو لَعِين، وملعون (١). والمراد هنا الدعاء بأن يطردهم الله - صلى الله عليه وسلم - عن رحمته، ويبعدهم عنها. والله تعالى أعلم بالصواب.
١٠٧٧ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْرًا، قَالَ: شُعْبَةُ: لَعَنَ رِجَالاً، وَقَالَ هِشَامٌ: يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ، مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ، بَعْدَ الرُّكُوعِ، هَذَا قَوْلُ هِشَامٍ، وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْرًا يَلْعَنُ رِعْلاً، وَذَكْوَانَ، وَلِحْيَانَ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (محمَّد بن المثنى) أبو موسى العنزي البصري، ثقة حافظ [١٠]، تقدم ٦٤/ ٨٠.
٢ - (أبو داود) الطيالسي، سليمان بن داود البصري، ثقة حافظ [٩]، تقدم ١٣/ ٣٤٣.
٣ - (شعبة) بن الحجاج تقدم في السند الماضي.
٤ - (هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي المتقدم قبل حديث.
٥ - (قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة ثبت مدلس [٤] تقدم ٣٠/ ٣٤.
٦ - (أنس) بن مالك - رضي الله عنه -٦/ ٦. والله تعالى أعلم.
[قال الجامع عفا الله تعالى عنه]: حديث أنس - رضي الله عنه - هذا متفق عليه، وتقدم شرحه، وبيان المسائل المتعلقة به في ١١٦/ ١٠٧٠. أورده هناك لبيان أن محل القنوت بعد الركوع، أخرجه عن شيخه إسحاق بن إبراهيم، عن جرير بن عبد الحميد، عن سليمان التيمي، عن أبي مِجْلَز، عنه. وأروده هنا لبيان مشروعية لعن الكفار في قنوت الصلاة.
وقوله: "وهشام" بالرفع عطف على شعبة، فأبو داود الطيالسي يروي هذا الحديث عن شعبة، وهشام الدستوائي، كليهما.
وقوله: "قال شعبة الخ" بيان لاختلاف شعبة، وهشام في لفظ الحديث، فلفظ شعبة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرا، يلعن رعلا، وذكوان، ولحيان". ولفظ هشام، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرا، يدعو على أحياء من أحياء العرب، ثم تركه بعد الركوع.
فقوله: "بعد الركوع" ظرف لـ"قنت"، لا لتركه، أي قنت بعد الركوع شهرا. وليس في لفظ شعبة "بعد الركوع".
(١) "المصباح" ص ٥٥٤.