الروايات هي التي أخرجها في هذا الباب مستدلا بها على مشروعية رفع اليدين في السجود، وفي الرفع منه.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة:
فذهب الجمهوو إلى عدم مشروعية الرفع في السجود، ولا في الرفع منه، وذهبت طائفة إلى مشروعيته.
فقد رَوَى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن وكيع، عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس - رضي الله عنه -، أنه كان يرفع يديه بين السجدتين.
وعن أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يرفع يديه إذا رفع رأسه من السجدة الأولى.
وعن ابن علية، عن أيوب، قال: رأيت نافعا، وطاوسا يرفعان أيديهما بين السجدتين.
وعن يزيد بن هارون، عن أشعث، عن الحسن، وابن سيرين أنهما كانا يرفعان أيديهما بين السجدتين.
وعن ابن علية، أنه رأى أيوب يفعله. انتهى كلام ابن أبي شيبة رحمه الله تعالى في "مصنفه" جـ ١ ص ٢٧١.
قال النووي رحمه الله تعالى بعد ذكر مذهب الجمهور: ما نصه: وقال أبو بكر بن المنذر، وأبو علي الطبري من أصحابنا، وبعض أهل الحديث: يستحب أيضا في السجود. انتهى.
وقال الحافظ رحمه الله تعالى بعد ذكره أن الرفع في السجود خلاف ما عليه الجمهور: ما نصه: وأغرب الشيخ أبو حامد في "تعليقه"، فنقل الإجماع على أنه لا يشرع الرفع في غير المواطن الثلاثة، -يعني الإحرام، والركوع، والرفع منه- وتعقب بصحة ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وطاوس، ونافع، وعطاء، كما أخرجه عبد الرزاق وغيره عنهم بأسانيد قوية، وقد قال به من الشافعية ابن خزيمة، وابن المنذر، وأبو علي الطبري، والبيهقي، والبغوي، وحكاه ابن خويز منداد عن مالك، وهو شاذ.
وأصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود ما رواه النسائي من رواية سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث:"أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من ركوعه، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من سجوده حتى يحاذي بهما فروع أذنيه". وقد أخرج مسلم بهذا الإسناد طرفه الأخير.