- رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاما، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يَخرُج من صبيحتها من اعتكافه، قال:"من كان اعتكف معي، فليعتكف العشر الأواخر، وقد أُرِيت هذه الليلة، ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين، من صبيحتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر"، فمَطَرَت السماءُ تلك الليلةَ، وكان المسجد على عَرِيش، فوَكَفَ المسجد، فبَصُرَت عيناي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين. انتهى.
(عيناي) فاعل "بصرت" مرفوع بالألف؛ لأنه مثنى مضاف إلى ياء المتكلم، ولا تقلب ألفه ياء لأن ألف التثنية لا تبدل، كما قال ابن مالك -رحمه الله-:
(رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بالنصب مفعول "بصرت"(على جبينه، وأنفه أثر الماء والطين) الجار والمجرور خبر مقدم، و"أثر" مبتدأ مؤخر، والجملة في محل نصب على الحال من "رسول الله".
قال السندي -رحمه الله-: أشار به إلى أن المراد بالوجه في أعضاء السجدة الجبينُ والأنفُ، فذكر هذا الحديث تفسيرا للحديث السابق.
(من صبح ليلة إحدى وعشرين)"من" بمعنى "في"، أي في صبح ليلة إحدى وعشرين من رمضان. والجار والمجرور متعلق بـ"بصرتْ"، أو بمحذوف خبرٍ لمبتدإ مقدر، أي وذلك كائن من صبح الخ.
وفي بعض النسخ:"صبيحة"، وهو منصوب على الظرفية.
(مختصر) بالرفع خبر لمحذوف، أي هذا الحديث مختصر من حديث أبي سعيد الطويل في الكلام على ليلة القدر، اختصره هنا على محل الاستدلال على أن السجود يكون على الجبين. وسيأتي مطولًا -٩٨/ ١٣٥٦ - إن شاء الله تعالى، والله تعالى أعلم، بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه هذا متفق عليه.
وسيأتي شرحه مستوفيً، وكذا بيان مسائله بالرقم المذكور. إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم، بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".