شرح الحديث
(عن ميمونة) رضي الله تعالى عنها (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد جافى يديه) فيه حذف المتَعَلِّقِ، وتقديره: "عن جنبيه". يعني أنه يباعد بينهما وبين جنبيه.
وفي الرواية الآتية -١٧٨/ ١١٤٧ - من طريق مروان بن معاوية، عن عبيد الله، بن عبد الله بن الأصم: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد خوَّى بيده حتى يُرَى وَضَحُ إبطيه من ورائه، وإذا قعد اطمأن على فخذه اليسرى".
ومعنى "خوّى" بتشديد الواو: جافى. والوضح بفتح الضاد: البياض.
ولفظ مسلم: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد لو شاءت بَهْمَةٌ أن تمرّ بين يديه لمرّت"
وله أيضا من طريق وكيع، عن جعفر بن بُرْقَان، عن يزيد بن الأصم: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد جافى، حتى يَرَى من خلفه وَضَحَ إبطيه"، قال وكيع: يعني بياضهما.
(حتى لو) "حتى" للغاية، و"لو" شرطية، كما قال في "الخلاصة":
لَوْ حَرفُ شَرْطٍ فِي مُضِيٍّ وَيَقِلّ … إِيلَاؤُهُ مُستَقْبَلًا لَكِنْ قُبِلْ
وَهْيَ فِي الاخْتِصَاصِ بَالفِعْلِ كَإِنْ … لَكِن لَوْ أَنَّ بِهَا قَدْ تَقْتَرِنْ
(أن بهمة) قال الفيّومي رحمه الله تعالى: "البهمة" -بفتح، فسكون-: ولد الضأن، يطلق على الذكر والأنثى، والجمع بَهْمٌ، مثلُ تَمْرة وتَمْر، وجمع البهْم بِهَام، مثل سَهْم وسِهَام، وتُطلَق البِهَام على أولاد الضأن والمعز إذا اجتمعت تغليبا، فإذا انفردت، قيل لأولاد الضأن بِهَام، ولأولاد المَعْز سخَال. وقال ابن فارس: البَهْم: صغار الغنم. وقال أبو زيد: يقال لأولاد الغنم ساعَةَ تَضَعُها الضأنُ، أو المَعْزُ، ذكرا كان الولد، أو أنثى: سَخْلة. انتهى كلام الفيومي رحمه الله تعالى (١) ..
(أرادت أن تمرّ تحت يديه) وفي نسخة "بين يديه" (مرت) أي استطاعت المرور تحت يديه.
وقد تقدم وجه الحكمة في المجافاة المذكورة في الباب الماضي. والله تعالى أعلم، بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ميمونة رضي الله تعالى عنها هذا أخرجه مسلم.
(١) "المصباح" ص ٦٤.