وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: لعل الاعتدال ها هنا محمول على أمر معنوي، وهو وضع هيئة السجود موضع الشرع على وفق الأمر، فإن الاعتدال الخَلْقي الذي طلبناه في الركوع لا يتأتى في السجود، فإنه ثَمَّ استواء الظهر والعُنُق، والمطلوب هنا ارتفاع الأسافل على الأعالي، حتى لو تساويا ففي بطلان الصلاة وجهان لأصحاب الشافعي.
ومما يقوي هذا الاحتمال أنه قد يفهم من قوله عقب ذلك:"ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب"، أنه كالتَّتِمَّة للأول، وأن الأول كالعلة له، فيكون الاعتدال الذي هو فعل الشيء على وفق الشرع علة لترك الانبساط انبساطَ الكلب، فإنه مناف لوضع الشرع، وقد تقدم الكلام في كراهة هذه الصفة، وقد ذكر في الحديث الحكم مقرونا بعلته، فإن التشبه بالأشياء الخسيسة مما يناسب تركه في الصلاة. ومثل هذا الشبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قصد التنفير عن الرجوع في الهبة، قال:"العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه". انتهى كلام ابن دقيق العيد (١). والله تعالى أعلم بالصواب.