للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجه (أحمد) ١/ ٣٠٤ و ٣١٦. (والدارمي) برقم ١٣٨٨ (وابن خزيمة) ٩١٠. والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في فوائده:

(منها): كراهة السجود معقوص الشعر (ومنها): الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن ذلك لا يُؤَخَّرُ، ولذا لم يؤخره ابن عباس - رضي الله عنهما - حتى يفرغ من الصلاة (ومنها): أن المكروه ينكر كما ينكر المحرَّمُ (ومنها): أن من رأى منكرا، وأمكنه تغييره بيده غَيَّرَه بها، لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، مرفوعا: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده". . . الحديث (ومنها): قبول خبر الواحد. قاله النووي رحمه الله تعالى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه الموضع والمآب.

(المسألة الخامسة): في أقوال أهل العلم فيمن صلى معقوص الشعر:

قال الإمام أبو بكر ابن المنذر رحمه الله تعالى: كَرهَ أن يصلي الرجل، وهو عاقص شعره عليُّ بن أبي طالب، وابنُ مسعود، وحذيفة. وقال عطاء: لا يكف الشعر عن الأرض. وكره ذلك الشافعي، وكان ابن عباس إذا سجد يقع شعره على الأرض.

واختلفوا فيما يجب على من فعل ذلك، فكان الشافعي، وعطاء يقولان: لا إعادة عليه، وكذلك أحفظ عن كل من لقيته من أهل العلم غير الحسن البصري، فإنه كره ذلك، وقال: عليه إعادة تلك الصلاة. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى (٢).

وقال النووي رحمه الله تعالى: اتفق العلماء على النهي عن الصلاة، وثوبه مشمَّر، أو كمه، أو نحوه، أو رأسه معقوص، أو مردود شعره تحت عمامته، أو نحو ذلك، فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء، وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك، فقد أساء، وصحت صلاته، واحتج في ذلك أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بإجماع العلماء.

وحكى ابن المنذر الإعادة فيه عن الحسن البصري.

[قال الجامع عفا الله تعالى عنه]: في قوله: "كراهة تنزيه" نظر لا يخفى، إذ لا صارف له عن، التحريم، وما ادعاه ابن جرير من الإجماع غير صحيح، لما ذكر من خلاف الحسن، فالظاهر أن النهي للتحريم. والله تعالى أعلم.

قال: ثم مذهب الجمهور أن النهي لمن صلى كذلك مطلقًا، سواء تعمده للصلاة، أم كان قبلها كذلك، لا لها، بل لمعنى آخر. وقال الداودي: يختص النهي بمن فعل ذلك للصلاة، والمختار الصحيح هو الأول، وهو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم،


(١) "شرح مسلم" ج ٤ ص ٢٠٩.
(٢) "الأوسط" ج ٣ ص ١٨٣ - ١٨٤.