للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ليلة من الليالي (فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه) هذا يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يجب عليه القسم، إذ لو كان واجبا عليه لما ظنت عائشة ذلك منه، إذ لا يترك الواجب عليه.

ويحتمل أن تكون عائشة - رضي الله عنها - نسيت لشدة غيرتها وجوب القسم عليه، حتى ظنت ذلك منه. والله تعالى أعلم

والمسألة فيها خلاف، والراجح عدم الوجوب، وسيأتي في محله مبسوطا مفصلا، إن شاء الله تعالى.

(فتحسسته) بالحاء المهملة: أي تطلبته. وفي الرواية الآتية في "عشرة النساء" -٤/ ٣٩٦١ و ٣٩٦٢ - : "فتجسسته" بالجيم، وهو بمعنى الأول.

قال ابن منظور -رحمه الله-: تَحَسَّس الخبرَ: تطلّبَه، وتبحّثه، وفي التنزيل: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} الآية [يوسف: ٨٧]. وقال اللِّحْيَاني: تحسس فلانا، ومن فلان: أي تبحّث، وقال أبو عُبَيدِ: تحسست الخبرَ، وتحسّيْته. وقال شَمِرٌ: تَنَدَّسته مثلُهُ. وقال أبو معاذ: التحسس شِبْهُ التسمع والتبصر، قال: والتجسس بالجيم: البحث عن العوره. وقال ابن الأعرابي: تجسس الخبر، وتحسسه بمعنى واحد. انتهى كلام ابن منظور رحمه الله تعالى (١).

(فإذا هو راكع، أو ساجد يقول: سبحانك اللَّهم، وبحمدك) تقدم -١٠٠/ ١٠٤٧ - أن المعنى وبحمدك سبحتك، أي بتوفيقك لي، وهدايتك، وفضلك عليّ سبّحتك، لا بحولي وقوتي، ففيه شكر الله تعالى على هذه النعمة، والاعتراف بها، والتفويض إلى الله تعالى، وأن كل الأفعال له. وتقدم الكلام مبسوطا بالرقم المذكور، فراجعه تستفد. وبالله تعالى التوفيق.

(لا إله إلا أنت) أي لا معبود بحق إلا أنت وحدك، لا شريك لك.

(فقالت) عائشة - رضي الله عنها -، وفيه التفات؛ لأن الظاهر أن تقول: فقلت (بأبي أنت وأمي) الجار والمجرور متعلق بمحذوف، أي أَفديك بأبي وأمي، فلما حذف الفعل انفصل الضمير، ويحتمل أن يكون "أنت" مبتدأ، والجار والمجرور خبرا متعلقا بمحذوفٍ خبرٍ عن المبتدإ، أي أنت مَفْديٌّ بأبي وأمي.

(إني لفي شأن) أي لفي حال، وهو كونها ظنت أنه ذهب إلى إحدى نسائه (وإنك لفي آخر) أي في شأن آخر، وهو كونه يناجي ربه بالصلاة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "لسان العرب" ج ٢ ص ٨٧١.