سعيد) - رضي الله عنهما -، أي في مكان يقرب من مكانهما، فـ"إلى" بمعنى "في"، ويحتمل أن تكون بمعنى "مع"، أي جلست معهما (فحدثا أحدهما حديث الشفاعة) وفي نسخة "بحديث الشفاعة". أي حدث أحد الصحابيين، وهو أبو هريرة - رضي الله عنه - -كما سيأتي التصريح به في الحديث الذي سأذكره- بالحديث المشتمل على ذكر الشفاعة، فإضافة "حديث" إلى "الشفاعة" لأدنى ملابسة، أو الإضافة بمعنى "في"، أي بالحديث الذي ورد في ذكر الشفاعة.
و"الشفاعة": مصدر "شفع": إذا طلب. قال ابن منظور رحمه الله تعالى: وشَفَعَ لي يشفَعُ شَفَاعَةً، وتشفْعَ: طلب، والشفيعُ: الشافع، والجمع شُفَعَاء، واستشفع بفلان على فلان، وتشفع له إليه، فشَفَّعَه فيه. وقال الفارسي: استشفعه: طلب منه الشفاعةَ، أي قال له: كن لي شافعاه وفي التنزيل: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا}[النساء: ٨٥].
وروي عن المبرد وثعلب أنهما قالا في قوله تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة: ٢٥٥]: الشفاعة: الدعاء ها هنا والشفاعة: كلام الشفِيعِ للملك في حاجة يسألها لغيره. وشَفَعَ إليه: في معنى طَلبَ إليه. والشافعُ: الطالب لغيره، يتشفع به إلى المطلوب، يقال: تشفعت بفلان إلى فلان، فشَفَّعَنى فيه، واسم الطالب شَفيع، قال الأعشى:[من البسيط]
وقد تكرر ذكر الشفاعة في الحديث فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة، وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجَرَائم، والمشفِّع بالكسر: الذي يقبل الشفاعة، والمشفَّع بالفتح: الذي تُقبَل شفاعته. انتهى كلام ابن منظور رحمه الله تعالى.
وقال بعضهم: أصل الشفاعة من قولنا: شَفَعَ كذا بكذا: إذا ضمه إليه، وسمي الشافع شافعًا لأنه يضم طلبه ورجاءه إلى طلب المشفوع له.
[تنبيهان]:
الأول: قال في "الفتح": قال ابن بطال رحمه الله تعالى: أنكرت المعتزلة والخوارج الشفاعة في إخراج من أدخل النار من المذنبين، وتمسكوا بقوله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر: ٤٨] وغير ذلك من الآيات.