للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه هذا صحيح، وقد تقدم للمصنف ٧٧/ ١٠٠٨ - وتكلمت هناك على المسائل المتعلقة به، وتقدم أيضا في ١١٥/ ١٠٦٩ - ومضى شرحه هناك. وبالله تعالى التوفيق.

[تنبيه]: أخرج المصنف رحمه الله تعالى حديثا حذيفة - رضي الله عنه - استدلالا على استحباب الدعاء بين السجدتين، وفيه: "رب اغفر لي، رب اغفر لي".

وقد ثبت الدعاء بين السجدتين أيضا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقد أخرجه أبو داود، والترمذي، وغيرهما بإسناد جيّد، وقال الحاكم صحيح الإسناد، ولفظ أبي داود "اللَّهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني". ولفظ الترمذي مثله، لكنه ذكر "واجبُرني، وعافني". وفي رواية ابن ماجهْ "وارفعني" بدل "واهدني"، وفي رواية البيهقي "رب اغفر لي، وارحمني، وأجبُرني، وارفعني، وارزقني، واهدني". أفاده النووي في "المجموع" (١).

وقال الحافظ -رحمه الله- في "التلخيص": حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بين السجدتين: "اللَّهم اغفر لي، واجبرني، وعافني، وارزقني، واهدني -ويروى- وارحمني- بدل واجبرني". رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، واللفظ الأول للترمذي، إلا أنه لم يقل: "وعافني"، وأبو داود مثله، إلا أنه أثبتها، ولم يقل: "واجبرني"، وجمع ابن ماجهْ بين "ارحمني"، واجبرني"، وزاد "وارفعني ولم يقل: "اهدني"، ولا "عافني"، وجمع بينها الحاكم كلها، إلا أنه لم يقل: "وعافني"، وفيه كامل أبو العلاء، وهو مختلف فيه. انتهى (٢).

قال النووي رحمه الله تعالى: فالاحتياط والاختيار أن يجمع بين الروايات، ويأتي بجميع ألفاظها، وهي سبعة: "اللَّهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واجبُرني، وارفعني، واهدني، وارزقني". انتهى "المجموع" (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله النووي من اختيار الجمع بين هذه الألفاظ هنا حسن جدًّا، حيث إن الحديث واحد، وزاد فيه بعض الرواة بعض الألفاظ، حيث حفظ ما لم يحفظه الآخرون، فالجمع في مثل هذا هو المختار.

وأما إذا كان الحديث مرويا عن صحابيين، فأكثر، واختلفت الألفاظ، فلا يستحسن الجمع، بل يُعمل بكل صيغة كما وردت، ولا يصاغ منها صيغةٌ تجمع بين الاختلافات،


(١) "المجموع" ج ٣ ص ٤١٤.
(٢) "التلخيص" ج ٢٥٨١.
(٣) "المجموع" ج ٣ ص ٤١٤.