(في مسجد الخيف) الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور قبله. و"الخيف" بفتح المعجمة، وسكون الياء: قال الفيومي -رحمه الله-: ما ارتفع من الوادي قليلا عن مسيل الماء، ومنه "مسجد الخيف" بمنى؛ لأنه بُنِيَ في خَيف الجبل، والأصل مسجد خيف مني، فخفف بالحذف، ولا يكون الخيف إلا بين الجبلين. انتهى.
(فكان) أي عبد الله بن طاوس (إذا سجد السجدة الأولى، فرفع رأسه منها، رفع يديه تلقاء وجهه) بكسر، فسكون: أي حذاء وجهه (فأنكرت أنا) الضمير المنفصل لتوكيد المتصل، ولا يلزم الإتيان به إلا عند وجود العطف، كقوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} الآية [الأعراف: ١٩](ذلك) في محل نصب مفعول "أنكرت"، وهو إشارة إلى رفع يديه في السجود (فقلت لوُهَيب بن خالد) بن عَجْلان الباهلي مولاهم، أبي بكر البصري المتوفى سنة -١٦٥ - وقيل: بعدها، وتقدمت ترجمته في ٢١/ ٤٢٧ (إن هذا) يشير إلى عبد الله بن طاوس (يصنع شيئا لم أر) وفي نسخة "لم نر" بنون الجمع (يصنعه) فيه الإنكار على من فعل شيئا في الصلاة بلا دليل، وفيه أن مثل هذا لا يكون غيبة، بل يكون من باب الشكوى، أو الاستفتاء.
(فقال له) أي لعبد الله بن طاوس (وهيب) بالرفع على الفاعلية (تصنع شيئا لم نر) وفي بعض النسخ "لم أر" بهمزة المتكلم (أحدا يصنعه) وإنما قال له وهيب ذلك إنكارا لما فعله، من رفع يديه في السجود (فقال عبد الله بن طاوس) ردًّا على إنكار وهيب عليه (رأيت أبي) يعني طاوسا (يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (يصنعه، وقال ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه) يعني أنه إنما فعله اتباعا لما ثبت لديه من السنة، فمن فعل ما ثبت عنده من السنة لا يُنكَر عليه.
والحديث يدلّ على استحباب رفع اليدين بين السجدتين تلقاء الوجه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.