للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال النووي رحمه الله تعالى: هذا الذي ذكره من صفة القعود هو التورك، لكن قوله. "وفرش قدمه اليمنى" مشكل؛ لأن السنة في القدم اليمنى أن تكون منصوبة باتفاق العلماء، وقد تظافرت الأحاديث الصحيحة على ذلك في "صحيح البخاري" وغيره.

قال القاضي عياض -رحمه الله-: قال الفقيه أبو محمَّد الخُشَني: صوابه "وفرش قدمه اليسرى"، ثم أنكر القاضي قوله؛ لأنه قد ذكر في هذه الرواية ما يفعل باليسرى، وأنه جعلها بين فخذه وساقه، قال: ولعل صوابه "ونصب قدمه اليمنى"، قال: وقد تكون الرواية صحيحة في اليمنى، ويكون معنى فرشها أنه لم ينصبها على أطراف أصابعه في هذه المرّة، ولا فتح أصابعها كما كان يفعل في غالب الأحوال. هذا كلام القاضي رحمه الله تعالى.

قال النووي رحمه الله تعالى: وهذا التأويل الأخير الذي ذكره هو المختار، ويكون فعل هذا لبيان الجواز، وأن وضع أطراف الأصابع على الأرض، وإن كان مستحبا يجوز تركه، وهذا له نظائر كثيرة، لا سيما في باب الصلاة، وهو أولى من تغليط رواية ثابتة في الصحيح، وأتفق عليها جميع نسخ مسلم. انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله النووي رحمه الله تعالى حسن جدًّا. والله تعالى أعلم.

الثاني: أن الكيفيات المذكورة في التشهد ليست للوجوب، بل هي للاستحباب، فلو تورك في الأول، وافترش في الأخير جازت الصلاة. والله تعالى أعلم.

الثالث: أنه قيل: الحكمة في الافتراش في التشهد الأول، والتورك في الثاني أنه أقرب إلى تذكر الصلاة، وعدم اشتباه عدد الركعات، ولأن السنة تخفيف التشهد الأول، فيجلس مفترشا ليكون أسهل للقيام، والسنة تطويل الثاني، ولا قيام بعده، فيجلس متوركا ليكون أعون له، وأمكن ليتوفر الدعاء، ولأن المسبوق إذا رآه علم في أي التشهدين؟. ذكره النووي رحمه الله تعالى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) "شرح صحيح مسلم" ج ٥ ص ٧٩ - ٨٠.