وأفرط بعض أهل الظاهر، فقال: إنه حرام إذا زاد على واحدة، لظاهر النهي، ولم يفرق بين ما إذا توالى، أو لا، مع أنه لم يقل بوجوب الخشوع.
والذي يظهر أن علة كراهيته المحافظة على الخشوع، أو لئلا يكثر العمل في الصلاة، لكن حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - المتقدم يدلّ على أن العلة فيه أن يجعل بينه وبين الرحمة التي تواجهه حائلا. وروى ابن أبي شيبة عن أبي صالح السمان، قال:"إذا سجدت فلا تمسح الحصى، فإن كل حصاة تحب أن تسجد عليها"، فهذا تعليل آخر. والله أعلم. انتهى ما في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في دعواه الإفراط فيما قاله بعض أهل الظاهر إفراط لا يخفى، فإن من كان معه ظاهر النص كيف يوسم بالإفراط، دون بينة وأضحة؟، ومن الواضح أنه ليس هناك صارف للنهي عن التحريم إلى التنزيه، وأنه لم يفرق بين المتوالي وغيره، فما هي الحجة الملزمة لذلك؟ والحاصل أن ما قاله هو الظاهر فلا ينبغي العدول عنه دون دليل صارف، فتبصر، ولا تتحير، والله تعالى يتولى هداك.
وقوله:"حيث يسجد" أي مكان السجود، وهل يتناول العضو الساجد؟ لا يبعد ذلك. وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، قال:"ما أحب أن لي حُمْر النَّعَم، وأني مسحت مكان جبيني من الحصى". وقال القاضي عياض: كره السلف مسح الجبهة في الصلاة قبل الانصراف. قاله في "الفتح". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث معيقيب رضي الله تعالى عنه هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا -٨/ ١١٩٢ - وفي "الكبرى" -٤٤/ ١١٥ - عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عنه. والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (خ) ٢/ ٨٠ عن أبي نعيم، عن شيبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير به.