للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنها: أن فيه رواية الابن عن أبيه، وتابعي، عن تابعي.

ومنها: أن عائشة -رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهَا- من المكثرين السبعة، روت (٢٢١٠) أحاديث. والله -تَعَالَى- أعلم.

شرح الحديث

(عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وفي نسخة "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (عن الالتفات في الصلاة؟) أي عن حكمه (فقال: اختلاس، يختلسه الشيطان) "اختلاس" بالرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أي هو اختلاس. وجملة "يختسله الشيطان" في محل رفع صفة لـ"اختلاس".

يعني أن الالتفات في الصلاة اختطاف بسرعة، يختطفه الشيطان من صلاة العبد.

و"الاختلاس": افتعال من اختلسه. قال في "المصباح". خَلَستُ الشيء خَلْسَةً، من باب ضرب: اختطفتُهُ بسرعة على غفلة، واختلسته كذلك، والخلْسَة بالفتح المرة، والخُلْسَة بالضمّ ما يُخْلَس. انتهى.

وفي "النيل": الاختلاس: أخذ الشيء بسرعة، يقال: اختلس الشيء: إذا استلبه، وفي الحديث: النهي عن الخَلْسَة بفتح الخاء، وهو ما يستخلص من السَّبُع، فيموت قبل أن يذكّى. وفي "النهاية": الاختلاس: افتعال من الخلسة، وهو ما يؤخذ سلبا، وقيل: المختلس الذي يخطف الشيء من غير غلبة ويهرب، ونسب إلى الشيطان لأنه سبب له لوسوسته به، وإطلاق اسم الاختلاس على الالتفات مبالغة. انتهى (١).

قال في "الفتح": المختلس الذي يخطف من غير غلبة، ويهرب، ولو مع معاينة المالك له، والناهبُ يأخذ بقوة، والسارق يأخذ في خُفْية، فلما كان الشيطان قد يشغل المصلي عن صلاته بالالتفات إلى شيء ما بغير حجة يقيمها أشبه المختلس. وقال ابن بزيزة: أضيف إلى الشيطان لأن فيه انقطاعًا من ملاحظة التوجه إلى الحق سبحانه. وقال الطيبي: سمي اختلاسًا تصويرًا لقبح تلك الفعلة بالمختلس؛ لأن المصلي يقبل عليه الرب سبحانه وتعالى، والشيطان مرتصد له، ينتظر فوات ذلك عليه، فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة، فيسلبه تلك الحالة. انتهى.

(من الصلاة) متعلق بـ"يختطفه"، وفي رواية البخاري: "من صلاة العبد".

قال في "الفتح": قيل: الحكمة في جعل سجود السهو جابرا للمشكوك فيه دون الالتفات وغيره مما ينقص الخشوع؛ لأن السهو لا يؤاخذ به المكلف، فشرع له الجبر،


(١) "نيل الأوطار" ج ٢ ص ٣٨٥.