والمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يلحظ في صلاته يمينًا وشمالًا، ولكن لا يحوّل عنقه عن القبلة بحيث يستدبرها.
قيل: لعل هذا الالتفات كان منه في التطوع، فإنه أسهل. وقيل: التفاته مرة، أو مرارا قليلة لبيان أنه غير مبطل، أو كان لشيء ضروري (١). والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - هذا صحيح.
[فإن قيل]: قد خالف وكيعٌ الفضلَ بنَ موسى، فأرسله كما يأتي في رواية أبي داود، والترمذي، وقال أبو داود: هذا أصح، فكيف يصحّ؟
قلت: الفضل بن موسى ثقة حافظ، فلا يضرّه مخالفة وكيع له بالإرسال، فتقدم روايته لأنها من ثقة حافظ. فتبصر. والله -تَعَالَى- أعلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا -١١/ ١٢٠١ - وفي "الكبرى" -٤٧/ ١١٢٤ - عن الحسين بن حريث، عن الفضل بن موسى، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عنه وفي "الكبرى"-٩٢/ ٥٢٩ - عن إسحاق بن إبراهيم، عن الفضل بن موسى به. والله أعلم.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (د) عن أحمد بن محمَّد بن ثابت المروزي، عن الفضل بن موسى به. وعن هناد، عن وكيع، عن عبد الله بن سعيد، عن رجل، عن عكرمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو داود: وهذا أصح.
قال الحافظ المزي رحمه الله -تَعَالَى-: وحديث أبي داود في رواية أبى الطيب بن الأشناني. انتهى.
(ت) - ٥٨٧ عن محمود بن غيلان، وغير واحد، عن الفضل به. و ٥٨٨ - عن محمود بن غيلان، عن وكيع، عن عبد الله بن سعيد، عن رجل من أصحاب عكرمة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلحظ في صلاته من غير أن يلوي عنقه".
وأخرجه (أحمد) ١/ ٢٧٥. (وابن خزيمة) ٤٨٥ و ٨٧١. والله -تَعَالَى- أعلم
(١) انظر "تحفة الأحوذي" ج ٣ ص ١٩٥ - ١٩٦.