للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - هذا متفق عليه، وقد تقدم شرحه، وبيان المسائل المتعلقة به في -١٩/ ٧١١ - حيث أورده المصنف هناك مستدلّا به على جواز إدخال الصبيان المساجد، ورواه عن قتيبة عن الليث، عن سعيد المقبري، عن عمرو بن سليم به.

وقد بقي الكلام على ما بوّب له المصنف رحمه الله -تَعَالَى- هنا، وهو جواز حمل الصبيان في الصلاة:

قال الإمام أبو بكر ابن المنذر رحمه الله -تَعَالَى-:

وللمرء أن يحمل الصبي في الصلاة المكتوبة والتطوع، ثبت أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حمل أمامة ابنة أبي العاص في الصلاة. وبهذا قال الشافعي، وأبو ثور. وحكى أبو ثور عن الكوفي أنه قال المصلي يحمل في الصلاة، أو يفتح بابا، أو مضى خلف دابة، قال: صلاته فاسدة.

قال ابن المنذر رحمه الله: والسنة مستغنى بها. انتهى (١).

وقال في "الفتح" عند شرح قوله "فإذا سجد وضعها": ما حاصله- كذا لمالك أيضًا، ورواه مسلم أيضًا من طريق عثمان بن أبي سليمان، ومحمد بن عجلان، والنسائي من طريق الزبيدي، وأحمد من طريق ابن جريج، وابن حبان من طريق أبي العميس، كلهم عن عامر بن عبد الله شيخ مالك، فقالوا: "إذا ركع وضعها"، ولأبي داود من طريق المقبري، عن عمرو بن سليم "حتى إذا أراد أن يركع أخذها، فوضعها، ثم ركع، وسجد، حتى إذا فرغ من سجوده قام، وأخذها، فردها في مكانها".

وهذا صريح في أن فعل الحمل والوضع كان منه، لا منها.

وهو يردّ تأويل الخطابي، حيث قال: يشبه أن تكون الصبية قد ألفته، فإذا سجد تعلقت بأطرافه، والتزمته، فينهض من سجوده، فتبقى محمولة كذلك إلى أن يركع، فيرسلها، قال: هذا وجه عندي.

ويردّ أيضًا قول ابن دقيق العيد: إن لفظ "حمل" لا يساوي لفظ "وضع" في اقتضاء فعل الفاعل، لأنا نقول: فلان حمل كذا، ولو كان غيره حمّله، بخلاف وضع، فعلى هذا فالفعل الصادر منه هو الوضع، لا الرفع، فيقل العمل. انتهى.

لأن قوله: "حتى إذا فرغ من سجوده قام، وأخذها، فردها في مكانها" صريح في أن الرفع صادر منه - صلى الله عليه وسلم -، وقد رجع ابن دقيق العيد إلى هذا، فقال: وقد كُنْتُ أحسب هذا -يعني الفرق بين "حمل" و"وضع"- وأن الصادر منه الوضع، لا الرفع حسنًا إلى أن


(١) "الأوسط" ج ٣ ص ٢٧٧ - ٢٧٨.