للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحَمَلَ أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال، لوجود الطمأنينة في أركان صلاته. انتهى.

وقال النووي رحمه الله -تَعَالَى-: ادعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ، وبعضهم أنه من الخصائص، وبعضهم أنه للضرورة، وكل ذلك دعاوي باطلة مردودة لا دليل عليها، وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع، لأن الآدمي طاهر، وما في جوفه معفوّ عنه، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة، والأعم الذي الصلاة لا تبطلها إذا قلت، أو تفرقت، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك، وإنما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لبيان الجواز انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله النووي رحمه الله -تَعَالَى- حسن جدًا.

وحاصله: جواز حمل الصبيان في الصلاة مطلقا، وأن ذلك ليس بعمل كثير يبطل الصلاة، لعدم تواليه، وإنما يبطل العمل الكثير إذا توالى. فكل عمل غير متوال لا يبطل الصلاة.

وبهذا يحصل الجمع بين حديث الباب، وحديث "إن في الصلاة لشغلا". والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٢٠٥ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَؤُمُّ النَّاسَ، وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ أَعَادَهَا).

رجال هذا الإسناد: ستة، كلهم تقدموا إلا:

١ - (سفيان) بن عيينة الإمام الحافظ الحجة [٨] تقدم في ١/ ١.

٢ - (عثمان بن أبي سليمان) بن جبير بن مطعم القرشي النوفلي المكي قاضيها ثقة [٦] تقدم في ٣٧/ ٨٢٧.

والحديث متفق عليه، وتمام البحث فيه قد تقدم في الذي قبله. وبالله تَعَالَى التوفيق.

قوله: "أمامة" بضم الهمزة، بضم الهمزة، وتخفيف الميمين، هي بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كانت صغيرة على عهده - صلى الله عليه وسلم -، وتزوجها علي - رضي الله عنه - بعد موت فاطمة - رضي الله عنها - بوصية منها، ولم تعقب.

وقوله: "بنت أبي العاص" هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، واختلف في اسمه، فقيل: لقيط، وقيل: مقسم، وقيل: القاسم، وقيل: مِهْشَم، وقيل: هشيم، وقيل: ياسر، وهو مشهور بكنيته، أسلم قبل الفتح، وهاجر، ورد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته زينب، وماتت معه، وأثنى عليه في مصاهرته، وكانت وفاته في خلافة


(١) "فتح" ج ٢ ص ١٧٦ - ١٧٧ بزيادة من "نيل الأوطار" ج ٢ ص ١٤٢ - ١٤٣.