ترحم معي أحدا، فإنه تضييق لرحمة الله الواسعة التي قال الله -تَعَالَى- فيها: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} الآية [الأعراف: ١٥٦].
بل يقول: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: ٤١]، {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} [نوح: ٢٨]، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠].
واللَّه سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٢١٧ - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: أَحْفَظُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري) البصري، صدوق، من صغار [١٠] تقدم ٤٢/ ٤٨.
٢ - (سفيان) بن عيينة الإمام الحجة الثبت المشهور [٨] تقدم ١/ ١.
٣ - (سعيد) بن المسيب الإمام الفقيه الحجة الثبت من كبار [٣] تقدم ٩/ ٩.
والباقيان تقدما في السند الماضي، والحديث صحيح وقد سبق في الحديث الماضي شرحه، وبيان متعلقاته من المسائل.
وقوله: "قال: أحفظه من الزهري"، أي قال ابن عيينة: أحفظ هذا الحديث من الزهري، عن سعيد بن المسيب، وقد تابعه فيه سفيان بن حسين، إلا أنه ضعيف في الزهري.
وإنما قال سفيان ذلك لأن غيره من أصحاب الزهري، يخالفونه فيه فقدرووه عن الزهري عن غير سعيد.
فقد رواه معمر، ويونس، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن الوليد، أربعتهم عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود- وعن الزهري، عن أبي سلمة- كلاهما عن أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وقد تقدم تفاصيل ذلك في المسألة الثانية، والثالثة من الحديث الذي قبل هذا.
ولكن المخالفة في مثل هذا لا تضرّ، لأن سفيان حافظ ثبت، فيحمل على أن الزهري رواه عن سعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله، وأبي سلمة بن عبد الرحمن. والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.