للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فسلمت عليه، فلم يردّ عليّ، فأخذني ما قَرُبَ، وما بعدَ) -بضم عين الفعل فيهما- أي تفكرت فيما يصلح للمنع من الوجوه القريبة، أو البعيدة أَيُّها كان سببًا لترك ردّ السلام.

وفي رواية أبي داود من طريق أبان العَطّار، عن عاصم: "فأخذني ما قَدُم وما حَدُث" -بضم الدال فيهما، مراده غلب علي التفكر في أحوالي السابقة واللاحقة، أيها كان سببا لتركه - صلى الله عليه وسلم - ردّ السلام عليّ.

ويحتمل أن يكون المراد أخذني ما تقدم من التكلم في الصلاة, وما حدث فيها من عدم التكلم. قاله في "المنهل" (١).

(فجلست، حتى إذا قضى الصلاةَ قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (إن الله عزّ وجلّ يحدث) -بضم الياء- من الإحداث، أي يُظهر ويُجَدِّد (من أمره ما يشاء، وإنه قد أحدث من أمره أن لا يُتَكَلَّمَ في الصلاة) ببناء الفعل للمفعول، وهو في تأويل المصدر مفعول "أحدث".

يعني أن لله سبحانه وتعالى تجديدَ الأحكام بحسب ما اقتضته حكمته، وإن مما أحدثه من الأحكام عدم جواز الكلام في الصلاة.

وفي رواية الشيخين: "إن في الصلاة شُغلا".

قال في "الفتح": والتنكير في "شغلا" للتنويع، أي بقراءة القرآن والذكر والدعاء، أو للتعظيم، أي شغلًا، وأيَّ شغل، لأنها مناجاة مع الله، تستدعي الاستغراق بخدمته، فلا يصلح فيها الاشتغال بغيره.

وقال النووي: معناه أن وظيفة المصلي الاشتغال بصلاته، وتدبر ما يقوله، فلا ينبغي أن يعرّج على غيرها، من ردّ السلام ونحوه. انتهى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:

أخرجه هنا -٢٠/ ١٢٢١ - وفي "الكبرى" ٥٥/ ١١٤٤ - بالسند المذكور. والله تعالى أعلم.


(١) "المنهل العذب المورود" جـ ٦ ص ٢١.
(٢) "فتح" جـ ٣ ص ٣٩٧.