للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بصدقه، فإن سبب عدم القطع كون خبره معارَضًا باعتقاد المسؤول خلاف ما أخبر به.

(قال) أي أبو هريرة - رضي الله عنه - (وقال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (أكما قال ذو اليدين) الهمزة للاستفهام، أي هل الأمر كما قال ذو اليدين من وقوع الخلل في هذه الصلاة؟. (قالوا: نعم) وفي رواية أبي داود: فقال: "أصدق ذو اليدين؟ "، فأو مأوا، أي نعم. وفي رواية لمسلم: نظر - صلى الله عليه وسلم - يمينا وشمالا، فقال: "ما يقول ذو اليدين؟ "، قالوا: صدق، لم تصل إلا ركعتين.

قيل: ولا منافاة بين هذه الروايات، لإمكان الجمع بينها بأن بعض الرواة جمع بين الإشارة والكلام، وبعضهم أشار، وبعضهم تكلم.

(فجاء) - صلى الله عليه وسلم - من عند الخشبة المعترضة إلى مصلاه (فصلى الذي كان تركه) وفي رواية أبي داود: "فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مقامه، فصلى الركعتين الباقيتين".

(ثم سلم) قال الحافظ العلائي -رحمه الله-: جميع رواياته وطرقه لم يختلف فيه شيء منها أن السجود بعد السلام. كذا في شرح ابن رسلان لسنن أبي داود، وهذا يهدم قاعدة المالكية، ومن وافقهم أنه إذا كان السهو بالنقصان يسجد قبل السلام.

(ثم كبر) أي بعد السلام للسجود. قال في "الفتح": اختلف في سجود السهو بعد السلام، هل يشترط له تكبيرة الإحرام، أو يُكتفَى بتكبيرة السجود؟ فالجمهور على الاكتفاء، وهو ظاهر غالب الأحاديث.

وحكى القرطبي أن قول مالك لم يختلف في وجوب السلام بعد سجدتي السهو، قال: وما يتحلل منه بسلام، لابدّ له من تكبيرة إحرام، ويؤيده ما رواه أبو داود من طريق حماد بن زيد، عن هشام بن حسّان، عن ابن سيرين في هذا الحديث، قال: "فكبر، ثم كبر، وسجد للسهو". قال أبو داود: لم يقل أحد: "فكبر، ثم كبر" إلا حماد ابن زيد، فأشار إلى شذوذ هذه الزيادة.

وقال القرطبي أيضًا: قوله -يعني في رواية مالك-: "فصلى ركعتين، ثم سلم، ثم كبر، ثم سجد" يدلّ على التكبيرة للإحرام، لأنه أتى بـ"ثمّ" التي تقتضي التراخي، فلو كان التكبير للسجود لكان معه.

وتعقّب بأن ذلك من تصرّف الرواة، فقد رواه ابن عون، عن ابن سيرين بلفظ: "فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر، وسجد"، فأتى بواو المصاحبة التي تقتضي المعية. والله أعلم. انتهى (١).


(١) "فتح" جـ ٣ ص ٤٣٠ - ٤٣١.