صلاته، وفي حديث ابن عباس (١)، وأبي سعيد أَمْرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - الشّاكَّ أن يبني على اليقين، ثم يسجد للسهو، فقبول الزيادة التي زادها أبو سعيد وابن عباس - رضي الله عنهم - تجب، لأنهما حفظا ما لم يحفظه أبو هريرة - رضي الله عنه -، فوجب قبولُ ما حُفظ من الزيادة مما لم يحفظه أبو هريرة، كما يجب قبول خبر لو تفرّ به كلّ واحد منهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا شكّ المصلي في صلاته، ولم يكن له تحرِّ، ولم يمل قلبه إلى أحد العددين، فإنه يَنظر إلى ما استيقن أنه صلّى، فيحتسب به، ويُلْقِي الشكّ، ويَبْنِي على اليقين، ويسجد سجدتي السهو قبل التسليم على ما في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، فإن مال قلبه إلى أحد العددين، فقد اختُلف في ذلك. انتهى.
وقال -رحمه الله- عند الكلام على حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - الآتي في الباب التالي: ما ملخّصه:
وقد اختلفوا في تأويله -يعني حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -- فقالت طائفة من أصحاب الحديث: خبر ابن مسعود هذا، وخبر ابن عباس، وأبي سعيد الخدري ثابتة كلها يجب القول بها في مواضعها، فإذا شكّ المصلي في صلاته، وله تحرٍّ، والتحرّي أن يميل قلبه إلى أحد العددين، وجب عليه استعمال حديث عبد الله بن مسعود، ويبني على العدد الذي مال إليه قلبه، ويسجد سجدتي السهو بعد السلام، على ما في حديث عبد الله بن مسعود، وإذا لم يكن له تحرِّ، ولا يميل قلبه إلى أحد العددين بنى على اليقين، على ما في حديث ابن عباس وأبي سعيد - رضي الله عنهم-، ويسجد سجدتي السهو قبل السلام.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا القول هو الراجح عندي، كما سيأتي الكلام عليه، إن شاء الله تعالى.
وقال أصحاب الرأي: إذا صلّى، فسها في صلاته، فلم يدر أثلاثًا صلّى أم أربعًا، وذلك أول ما سها، فعليه أن يستقبل الصلاة، فإن لقي ذلك غير مرّة تحرّى الصواب، فإن كان أكبر رأيه أنه قد أتمّ مضى على صلاته، وإن كان أكبر رأيه أنه صلى ثلاثًا أتمّ الرابعة، ثم يتشهد، ويسلّم، ويسجد سجدتي السهو.
(١) حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أخرجه ابن المنذر -رحمه الله-، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا ابن قَعْنَب، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا شك أحكم في صلاته، فلم يدر ثلاثًا صلى أو أربعًا فليقم، فليصل ركعة، ثم يسجد سجدتين، وهو جالس قبل السلام، فإن كانت الركعة التي صلى خامسةً شفعها بهاتين، وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان" انتهى "الأوسط" جـ ٣ ص ٢٨٠. والحديث أخرجه مالك في "الموطإ" جـ ١ ص ٩٥ مرسلًا، وأخرجه أبو داود من طريقه في "سننه" جـ ٦ ص ١٥٤ راجع "المنهل العذب المورود".