للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلاة الله عليه من جنسها، وإنما هي ثناءٌ على الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وإرادة من الله تعالى أن يُعلي ذكره، ويزيده تعظيماً وتشريفاً,، والجزاء من جنس العمل، فمن أثنى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جزاه الله من جنس عمله بأن يُثني عليه, ويزيد تشريفه وتكريمه، فصحّ ارتباط الجزاء بالعمل، ومشاكلته له، ومناسبته له، كقوله: "من يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن نفّس عن مؤمن كربة من كُرَب الدنيا نفّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنة".

و"من سُئل عن علم يعلمه، فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار". و"من صلّى على النبي -صلى الله عليه وسلم- مرّة صلّى الله عليه بها عشراً"، ونظائره كثيرة.

(الوجه الحادي عشر): أن أحدًا لو قال: عن رسول الله رحمه الله، أو قال رسول الله رحمه الله بدل "-صلى الله عليه وسلم-" لبادرت الأمّة إلى الإنكار عليه، وسمّوه مبتدعاً، غير موقِّر للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا مُصلّ عليه، ولا مُثْن عليه بما يستحقه، ولا يستحق أن يصلي الله عليه بذلك عشر صلوات، ولو كانت الصلاة من الله الرحمة, لم يمتنع شيء من ذلك.

(الوجه الثاني عشر): أن الله سبحانه وتعالى قال: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣]، فأمر سبحانه أن لا يُدعَى رسولُهُ بما يدعو الناس بعضهم بعضاً، بل يقال: يا رسول الله، ولا يقال: يا محمد، وإنما كان يُسمّيه باسمه وقت الخطاب الكفّار، وأما المسلمون، فكانوا يخاطبونه يا رسول الله، وإذا كان هذا في خطابه، فهكذا في مغيبه لا ينبغي أن يجعل ما يدعى به له من جنس ما يدعو به بعضنا لبعض، بل يُدعى له بأشرف الدعاء، وهو الصلاة عليه، ومعلوم أن الرحمة يُدعى بها لكلّ مسلم، بل ولغير الآدميّ من الحيوانات، كما في دعاء الاستسقاء "اللَّهم أرحم عبادك وبلادك وبهائمك".

(الوجه الثالث عشر): أن هذه اللفظة لا تعرف في اللغة الأصلية بمعنى الرحمة أصلاً، والمعروف عند العرب من معناها إنما هو الدعاء، والتبريك، والثناء، قال:

وَإِنْ ذُكِرَتْ صَلَّى عَلَيْهَا وَزَمْزَمَا

أي برّك عليها ومدحها، ولا تعرف العرب قطّ "صلى عليه" بمعنى الرحمة، فالواجب حمل اللفظة على معناها المتعارف في اللغة.

(الوجه الرابع عشر): أنه يسوغ، بل يستحبّ لكلّ أحد أن يسأل الله تعالى أن يرحمه، فيقول: اللَّهمّ ارحمني، كما علَّمَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الداعيَ أن يقول: "اللَّهم اغفر لي،