أبا بكر، والحارث بن كَلَدَة أكلا حَريرة أُهديت لأبي بكر، فقال الحارث -وكان طبيباً-: ارفع يدك، والله إن فيها لسمّ سنة، فلم يزالا عليلين حتى ماتا عند انقضاء السنة في يوم واحد.
ولي الخلافة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- سنتين وشيئاً، وقيل: عشرين شهراً. توفي رضي الله تعالى عنه يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة (١٣) عن (٦٣) سنة, وصلى عليه عمر، ودُفن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ومناقبه وفضائله كثيرة جدًا، مدوّنة في كتب العلماء، وهي في مجلّد لطيف في "تاريخ ابن عساكر". أخرج له الجماعة، له (١٤٢) اتفق الشيخان على (٦) وانفرد البخاري بـ (١١) ومسلم بحديث، وله في هذا الكتاب (٢٢) حديثاً. والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من سداسيات المصنف رحمه الله تعالى.
ومنها: أن رجاله كلهم ثقات، وكلهم من رجال الجماعة. ومنها: أنه مسلسل بالمصريين. ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعي، وصحابي عن صحابي. ومنها أن فيه الصديق الأكبر رضي الله تعالى عنه، وهذا أول باب ذُكر فيه من هذا الكتاب. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن عبد الله بن عمرو، عن أبى بكر الصديق -رضي الله عنهما-) هكذا النسخ بتثنية الضمير، والأولى أن يكون بلفظ "عنهم" بالجمع؛ لأن عمرو بن العاص والد عبد الله صحابي أيضاً، فليُتنبّه.
قال في "الفتح": مقتضى هذا أن الحديث من مسند الصدّيق -رضي الله عنه-، وأوضح من ذلك رواية أبي الوليد الطيالسي، عن الليث، فإن لفظه عن أبي بكر، قال:"قلت: يا رسول الله". أخرجه البزّار من طريقه، وخالف عمرُو بن الحارث الليثَ، فجعله من مسند عبد الله بن عمرو، ولفظه:"عن أبي الخير أنه سمع عبد الله بن عمرو، يقول: إن أبا بكر قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-"، هكذا رواه ابن وهب، عن عمرو، ولا يقدح هذا الاختلاف في صحة الحديث انتهى (١).
أنه (قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي) الظاهر أنه يريد عقب التشهد الأخير، والصلاةِ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والاستعاذةِ من الأربع، وإليه جنح البخاريّ في