وقد روى هذا الحديث أبو داود الحَفَريّ، عن الثوريّ، عن أبي إسحاق، عن فروة ابن نوفل، عن أبيه، وكذا أخرجه أصحاب السنن الثلاثة من طريق زُهير بن مُعاوية، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، وهو الصواب، واختلف فيه على أبي إسحاق اختلافاً كثيراً. وقال ابن عبد البرّ في الصحابة: حديثه مضطرب، وفروة بن نوفل الأشجعيّ من الخوارج، خرج على المغيرة بن شعبة في صدر خلافة معاوية، فبعث إليهم المغيرة، فقُتلوا سنة (٤٥) وليس لفروة بن نوفل صحبة، ولا رؤية، وإنّما يروي عن أبيه، وعائشة. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن فروة بن نوفل له صحبة؟ فقال: ليست له صحبة، ولأبيه صحبة.
أخرج له مسلم، وأبو داود، والمصنف، وابن ماجه، وله في هذا الكتاب هذا الحديث، وأعاده برقم (٥٥٢٥) و (٥٥٢٦) و (٥٥٢٧) و (٥٥٢٨).
٦ - (عائشة) رضي الله تعالى عنها، تقدمت ٥/ ٥. والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعي. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن فَرْوة بن نوفل) الأشجعي رحمه الله تعالى، أنه (قال: قلت لعائشة) أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها (حدثيني بشيء كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو به في صلاته) يعمّ كلّ أجزاء الصلاة، لكن خصّ بأدلة أخرى أن المراد مواضع الدعاء منها، كحال السجود، وبعد التشهد، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وفي الرواية الآتية -٥٨/ ٥٥٢٣ - من رواية عبدة بن أبي لبابة، عن هلال بن يساف، أنه سأل عائشة -رضي الله عنهما- ما كان أكثر ما يدعو به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل موته؟ قالت: كان أكثر ما كان يدعو به: "اللَّهم إني أعوذ بك … "(قالت) وفي نسخة: "فقالت"(نعم) كلمة معناها التصديقُ إن وقعت بعد الماضي، نحو هل قام زيد، والوعدُ إن وقعت بعد المستقبل، نحو هل تقوم، ومنه هذا الحديث، فعائشة رضي الله تَعِدُه بأن تحدّثه بما سأل عنه، فـ"نعم" تُبقي الكلام على ما هو عليه من إيجاب، أو نفي، بخلاف "بلى"، فإنها للإيجاب بعد النفي، وقد تقدم بسط الكلام عليهما في أكثر من موضع.
(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: اللَّهم إني أعوذ بك من شرّ ما عملت) أي من شرّ ما