روى الحديث في دهره، روى (٥٣٧٤) حديثاً. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن محمد بن أبي عائشة) أنه (قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا تشهّد أحدكم) وفي رواية مسلم "إذا فرغ أحدكم من التشهّد الآخر … " ومعناه آخر الصلاة، فيشمل ما فيه تشهد واحد، كالصبح، وفيه تقييد لحديث عائشة -رضي الله عنها- المذكور قبله، حيث قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو في الصلاة … "، فبين في هذا الحديث أن التعوذ يكون بعد الأخير.
وفيه ردّ على ابن حزم فيما ذهب إليه من وجوب التعوذ أيضاً في التشهّد الأول.
قال النووي رحمه الله: فيه التصريح باستحبابه في التشهد الأخير، والإشارة إلى أنه لا يستحبُّ في الأول، وهكذا الحكم، لأن الأوّل مبني على التخفيف انتهى.
(فليتعوّذ بالله) ظاهره وجوب الاستعاذة من هذه الأربع، وإليه ذهب طاوس، حيث أمر ابنه بإعادة الصلاة لتركها، وهو مذهب ابن حزم، وحمله الجمهور على الندب، وادعى بعضهم الإجماع على الندب، وهو لا يتمّ مع مخالفة من ذكر.
قال العلامة الشوكاني رحمه الله: والحقّ الوجوب، إن علم تأخّر هذا الأمر عن حديث المسيء صلاته، لما عرّفناك في شرحه. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كونه للوجوب هو الظاهر. والله تعالى أعلم.
(من أربع) أي من أربع خصال (من عذاب جهنم) الجارّ والمجرور بدل من الجاز والمجرور قبله بدل تفصيل من مجمل، وقدم التعوذ من عذاب جهنم لكونه أشدّ وأبقى (وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات ومن شرّ المسح الدجّال) قيل: أخره لأنه إنما يقع في آخر الزمان قربَ الساعة.
قال القاري: قيل: له شرّ وخير، فخيره أن يزداد المؤمن إيمانًا، ويقرأ ما هو مكتوب بين عينيه، من أنه كافر، فيزداد إيماناً، وشرّه أن لا يقرأه الكافر، ولا يعلمه انتهى.
(ثمّ يدعو لنفسه بما بداله) هذا مما يؤكّد أن الأمر بالتعوذ من الأمور الأربعة للوجوب، حيث خيّر المصلي أن يدعو بما يشاء هنا، بخلاف ما تقدّم، فقد أمره دون تخيير. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه مسلم.