الواجبات، بدليل أنه لم يعلّمه التشهد، والقعود، وغيرهما، ويحتمل أنه اقتصر على تعليمه مارآه أساء فيه.
وأما ما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "صلى الظهر خمساً، فلما سلّم أخبر بصنيعه، فثنى رجله، فسجد سجدتين"، أخرجه الجماعة عن ابن مسعود -رضي الله عنه- بطرق متعددة، وألفاظ مختلفة.
قال الطحاوي: في هذا الحديث أنه أدخل في الصلاة ركعةً من غيرها قبل التسليم، ولم ير ذلك مُفسداً للصلاة، فدلّ ذلك على أن السلام ليس من أصلها, ولو كان واجباً وجوب السجدة في الصلاة لكان حكمه أيضاً كذلك، ولكنه بخلافه، فهو سنة.
ففيه أنه ليس فيه إلا تأخير السلام، لا تركه رأساً، وهذا لا يدلّ على كون السلام من غير أصل الصلاة، مع أن ذلك كان في حالة النسيان، وعلى ظنّ عدم الزيادة والإدخال، والكلام هنا فيمن ترك السلام عمداً، وخرج من الصلاة بغير السلام مما ينافي الصلاة.
وأما ما روي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً: "إذا أحدث الرجل، وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلّم، فقد جازت صلاته", أخرجه أبو داود، والترمذيّ.
ففيه أنه حديث ضعيف مضطرب، قد تفرّد به عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم الإفريقي، وقد ضعفه أكثر الحفّاظ، قال الترمذي رحمه الله بعد إخراجه: ليس إسناده بذاك القويّ، وقد اضطربوا في إسناده انتهى. فقد جمع بين ضعف الراوي، والاضطراب.
وفيه أيضاً أنه مخالف للحديث الصحيح المذكور "وتحليلُها التسليم"، فلا يقوى على معارضته.
قال الخطّابي رحمه الله تعالى في "المعالم" جـ ١ ص ١٧٥: هذا الحديث ضعيف، وقد تكلّم الناس في بعض نقلته، وقد عارضته الأحاديث التي فيها إيجاب التشهد، والتسليم انتهى.
وأما ما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ بيد عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، فعلّمه التشهد في الصلاة، ثم قال: "إذا قلت هذا، أو قضيت هذا، فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد". أخرجه أحمد، وأبو داود، والدارقطنيّ.
ففيه أن قوله: "إذا قلت هذا الخ" مدرج من قول ابن مسعود، قال الدارقطني: الصحيح أن قوله: "إذا قلت هذا، فقد قضيت صلاتك" من كلام ابن مسعود، فصله شَبَابة، عن زهير بن معاوية، وجعله من كلام ابن مسعود، وقوله أشبه بالصواب ممن أدرجه، وقد اتفق مَن روى تشهد ابن مسعود على حذفه. كذا في "المنتقى".
قال الشوكاني: أما حديث ابن مسعود، فقال البيهقي في "الخلافيات": إنه كالشاذّ