للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولأصحاب أحمد فيه وجهان.

وقالت طائفة: يزيد "وبركاته"، ومنهم الأسود بن يزيد، كان يقولها في التسليمة الأولى، وقال النخعي: أقولها، وأخفيها، واستحبّه طائفة من الشافعية.

وقد أخرج أبو داود من حديث وائل بن حُجر أنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان يُسلّم عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وعن شماله: "السلام عليكم ورحمة الله" (١).

ومن أصحاب أحمد من قال: إنما فعل ذلك مرّة لبيان الجواز.

قال الجامع عفا الله عنه: سيأتي الكلام على هذه الزيادة في المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.

قال: وكان من السلف من يقول في التسليمة الأولى: "السلام عليكم ورحمة الله"، ويقتصر في الثانية على: "السلام عليكم". وروي عن عمّار، وغيره، وقد تقدّم حديث ابن عمر المرفوع بموافقة ذلك (٢).

وقالت طائفة: بل يقتصر على قوله: "السلام عليكم" بكلّ حال، وهو قول مالك، والليث بن سعد، وروي عن عليّ وغيره، وكذلك هو في بعض روايات حديث جابر بن سمرة المرفوع، وفي بعضها زيادة "ورحمة الله"، وقد أخرجه مسلم بالوجهين انتهى كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى بتصرّف يسير (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: الراحج عندي قول من قال: إنه يقول في التسليمتين: "السلام عليكم ورحمة الله"، لكثرة الأحاديث الصحيحة الواردة بذلك، وأما ماورد من الاقتصار على "السلام عليكم"، أو زيادة "وبركاته"، فيُحمل على بيان الجواز، فيُعمل به في بعض الأوقات، وأما اتخاذه مذهباً دائماً، فغير صواب؛ لمخالفته لأكثر الأحاديث الصحيحة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الثالثة: في الكلام على زيادة "وبركاته" في التسليم:

(اعلم): أن المصنف رحمه الله تعالى أخرج حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- هذا بعدّة طرق، وبألفاظ مختلفة، كما تقدّم ذلك كلّه، وليس في واحدة منها، ولا في الأحاديث التي أخرجها من أحاديث غيره زيادة "وبركاته"، وقد ثبت زيادتها عند غيره، وقد كنت سابقاً


(١) هكذا في بعض نسخ أبي داود ليس في التسليم الثاني زيادة لفظة "وبركاته"، وثبتت في بعض النسخ، وثبوتها هو الصحيح كما سيأتي تحقيق ذلك في المسألة التالية إن شاء الله تعالى.
(٢) تقدم للمصنف برقم ٧١/ ١٣٢١ من طريق الدراورديّ.
(٣) راجع "فتح الباري" للحافظ ابن رجب جـ ٧ ص ٣٧٥ - ٣٧٦.