وقد بيّنتُ التفاوت بينها في جزء سميته (القول المعتبر في ختم سنن النسائي رواية ابن الأحمر) حدّثت به قريبًا من سنة ستين، ولكنه غاب الآن عني.
وسأل بعض الأمراء المصنف -كما حكاه المجد أبو السعادات ابن الأثير في مقدمة (جامع الأصول) له- عن كتابه السنن، أكُلُّه صحيح؟ فقال: لا. قال: فاكتب لنا الصحيح منه مجردًا.
فصنع المجتبى من السنن ترك كل حديث أورده في السنن مما تُكُلم في إسناده بالتعليل. انتهى.
وهو أصح مما قاله غيره: إن المجَرِّدَ هو أحد رواته، الحافظ أبو بكر ابن السُّني.
وما حكاه أبو عبد الله محمَّد بن مَنْدَه مما سمعه من محمَّد بن سعد البارودي في:"كون شرط النسائي التخريج لكل من لم يُجْمَعْ على تركه، حتى يخرج للمجهول حالا وعينًا للاختلاف فيهم" هو مذهب متسع إن حُملَ على ظاهره، لاقتضائه التخريج لجُلِّ الضعفاء، وليس الواقع كذلك، بل الحق إرادته إجماعًا خاصًا.
وذلك أن كل طبقة من المتكلمين في الجرح والتعديل لا تخلو من متشدد ومتوسط، فمتى اتفق الفريقان على ترك واحد تَجَنّبه النسائي، بخلاف ما إذا ضعّفه المتشدد ووثّقه الآخر.
ومن ثَمَّ خرَّج لعبد الله بن عثمان بن خُثيم، وقال: إن يحيى بن سعيد القَطَّان، وعبد الرحمن بن مهدي لم يتركاه، وقال علي بن المديني: إنه منكر الحديث، وكأن علي بن المديني خُلق للحديث ٥/ ٢٤٨.