للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (جَسْرَة) بنت دَجَاجَة العامريّة الكوفية، وثقها العجلي، وابن حبّان، ويقال: لها صحبة [٣] تقدّمت ٧٩/ ١٠١٠.

وعائشة -رضي الله عنها- ذكرت في الباب السابق. والله تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من خماسيات المصنف رحمه الله تعالى، وأن رجاله كلهم ثقات، وأنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخه، وعائشة رضي الله تعالى عنها. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن جسرة) بفتح الجيم، وسكون السين المهملة بنت دَجَاجَة بفتح الدال المهملة، أنها (قالت: حدّثتني عائشة -رضي الله عنها-، قالت: دخلت عليّ امرأة من اليهود، فقالت) أي تلك اليهودية (إن عذاب القبر من البول) هذا قالته مما تلقته من كتبهم، قالت عائشة (فقلت: كذبت) إنما كذّبتها بناءً على عدم علمها بعذاب القبر قبل ذلك، واعتمدت في ذلك على عادة اليهود في الكذب والتحريف (فقالت) أي اليهوديّة (بلى) ردّ لتكذيب عائشة -رضي الله عنها- لها في ذلك، أي إن عذاب القبر من البول ثابت، فـ"بلى" إيجاب للمنفيّ، لأن قولها: "كذبت" نفي لما ادعته من عذاب القبر من البول.

(إنا لنقرض) هذه الجملة تعليل لما قبلها، و"نقرض" مضارع قرَضَ الشيء من باب ضَرَب: إذا قطعه بالمِقْرَاضين (منه) أي من أجل البول، فـ"من" تعليلية، كما في قوله تعال: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} الآية [نوح: ٢٥] , وقول الفرزدق في عليّ بن الحُسين: [من البسيط]:

يُغْضِي (١) حَيَاءٌ وَيُغْضَى مِنْ مَهَابَتِهِ … فَمَا يُكَلَّمُ إِلَّا حِينَ يَبْتَسِمُ (٢)

والكلام على تقدير محذوف، أي من التقصير في شأن البول، أو من عدم التنزّه من البول. والله تعالى أعلم.

(الجلد والثوب) قيل: المراد بـ"الجلد": الذي يلبسونه فوق أجسادهم، وبه جزم القرطبيّ، قال: وسمعت بعض أشياخنا يَحمل هذا على ظاهره، ويقول: إن ذلك من الإصر الذي حُمّلوه. ونقل ابنُ سيد الناس عن ابن دقيق العيد أنه كان يذهب إلى هذا. قال الشيخ ولي الدين العراقي: ويؤيده وواية الطبراني: "إن أحدهم كان إذا أصاب شيئاً من جسده بول قَرَضه بالمقاريض"، قال: والحديث إذا جمُعت طرقه


(١) "الإغضاء": مقاربة ما بين الجفنين، ويطلق على الحلم. أفاده في "المصباح".
(٢) راجع "مغني اللبيب" جـ ١ ص ٣٢٠.