للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الهلاك في الدنيا والآخرة، ويحميه عن وصول المضرّة إليه، فلا يقع في مخالفة يحصل له بسببها عقاب في الدنيا بإقامة الحد عليه، وفي الآخرة بدخول النار. والله أعلم (وأصلح لي دنياي) أضافها إليه، لكونه يعيش فيها، ويتمتّع بها (التي جعلت فيها معاشي) المراد به مدّة البقاء فيها، وإنما طلب صلاحها، لأن فيه صلاح الدين (اللَّهمّ إني أعوذ برضاك من سخطك) أي ألتجىء إليك متوسلاً برضاك من أَن تسخط علي، وتغضب.

والسخط بفتحتين: مصدر سخط، كفرح، وبضم، فسكون مصدر سماعي له، كما قال ابن مالك رحمه الله تعالى في "الخلاصة":

وَفَعِلَ اللَّازِمُ بَابُهُ فَعَلْ … كَفَرَحٍ وَكَجَوًى وَكَشَلَلْ

وقال أيضًا:

وَمَا أَتَى مُخَالِفاً لِمَا مَضَى … فَبَابُهُ النَقْلُ كَسُخْطِ وَرِضَا

(وأعوذ بعفوك من نقمتك) بالكسر، وبالفتح، وككَلِمَة: الْمُكَافأة بالعقوبة، جمعه: نَقِمٌ ككلم، وعِنَب، وكلمات، ونَقَمَ منه، كضَرَب، وعَلِمَ، نَقْمًا، وتِنِقَّاماً، كتِكِلَّام، وانتقم: عاقبه، والأمر: كرهه. قاله في "ق". أي األتجىء إليك بعفوك لي، أن تحل عليّ نقمتك.

(وأعوذ بك منك) أي ألتجىء إليك متوسلاً بصفات جمالك عن صفات جلالك، وفيه إجمال بعد شيء من التفصيل، وتَعَوُّذ بجميع صفات الجمال عن صفات الجلال. وقد تقدّم البحث عنه مستوفى في "أبواب الطهارة" -١٢٠/ ١٦٩.

(لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد) تقدم قريبا شرح هذه الألفاظ (قال) أي أبو مروان الأسلمي (وحدّثني كعب) أي كعب الأحبار (أن صهيبًا) بن سنان الرُّومي -رضي الله عنه- (حدّثه أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كان يقولهنّ عند انصرافه من صلاته) هذا موضع استدلال المصنف رحمه الله تعالى على ما ترجم له بقوله: "نوع آحر من الدعاء عند الانصراف من الصلاة"، وهو استدلال واضح. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث صهيب رضي الله تعالى عنه هذا حسن.

فإن قلت: قد ضعفه الشيخ الألباني بسبب أبي مروان الأسلميّ، لقول النسائي عنه: ليس بالمعروف. فكيف يحَسّن؟