للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من العلم إلا وعاه قلبي، وإن كنت لأمشي في سوق بغداد، فأسمع من الغُرَف صوت المغنّيات، فأضع أصبعي في أذني، مخافة أن يعيه قلبى. وقال أبو حاتم: حدثني أبو زرعة، وما خلّف يعده مثله علمًا وفقهًا وفهمًا وصيانةً وصدقًا، ولا أعلم في المشرق والمغرب مَنْ كان يَفهَم هذا الشأن مثلَه. قال: وإذا رأيت الرّازيِّ ينتقص أبا زرعة، فاعلم أنه مبتدع.

وروى البيهقي، عن ابن وَارَة، قال: كنّا عند إسحاق بنيسابور، فقال رجل: سمعت أحمد يقول: صحّ من الحديث سبعمائة ألف حديث وكسر، وهذا الفتى -يعني أبا زرعة- قد حفظ ستمائة ألف حديث.

قال البيهقيّ: وإنما أراد ما صحّ من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأقاويل الصحابة، وفَتَاوَى مَن أَخَذَ عنهم من التابعين.

وقال محمد بن جعفر بن حكمويه: قال أبو زرعة: أحفظ مائة ألف حديث، كما يحفظ الإنسان {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

وقال أبو جعفر التُّسْتَريّ: سمعت أبا زرعة يقول: إن في بيتى ما كتبته منذ خمسين سنة، ولم أطالعه منذ كتبته، وإني أعلم في أيّ كتاب هو؟ في أيّ ورقة هو؟ في أيّ صفح هو؟ في أيّ سطر هو؟.

وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم -يعني ابن وارة- والفضل بن العباس المعروف بفَضْلَك، فجرى بينهم مذاكرة، فذكر محمد بن مسلم حديثًا، فأنكره فضلك الصائغ، فقال: يا أبا عبد الله، ليس هكذا هو، فقال: كيف هو؟ فذكر رواية أخرى، فقال محمد بن مسلم لأبي زرعة: أَيْشٍ تقول؟ فسكت، فألحّ عليه، فقال: هاتوا أبا القاسم ابن أخي، فدُعي به، فقال: اذهب، فادخل بيت الكتب، فدَعِ القِمَطْر الأوّل والثاني، والثالث، وعُدَّ ستة عشر جزءًا، وائتني بالجزء السابع عشر، فذهب، فجاء بالدفتر، فتصفّح أبو زرعة، وأخرج الحديث، فدفعه إلى محمد بن مسلم، فقرأه، وقال: نعم، غَلِطْنَا.

قال أبو سعيد بن يونس: مات بالزّيّ آخر يوم من ذي الحجّة سنة (٢٦٤)، وقال ابن المنادي كان مولده سنة مائتين.

وقال ابن حبّان في "الثقات": كان أحد أئمة الدنيا في الحديث، مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ، والمذاكرة، وترك الدنيا، وما فيه الناس، توفي سنة (٢٦٨) كذا قال. روى عنه مسلم، والترمذيّ، والمصنف، وابن ماجه، وفي "الزهرة": روى عنه مسلم حديثين. وله في هذا الكتاب هذا، و (٢٢٨١) حديث: "أتدري ما وضع الله عن