للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كثيراً"، أي كنت أجالسه وقتاً كثيراً (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر جلس في مصلاه) أي في الموضع الذي صلى فيه الفجر.

وهذا لا يعارض ما جاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سلّم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: "اللَّهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت، يا ذا الجلال والإكرام".

لإمكان الجمع بحمل هذا الحديث على أن المراد لم يقعد مستقبل القبلة، إلا المقدار المذكور، ثم يلتفت يمنةً، أو يسرةً، أو يستقبل المأمومين. وقيل: المراد: أنه لم يقعد في الصلاة التي بعدها راتبة، وأما التي لا راتبة بعدها، كصلاة الصبح فكان يقعد، والأول أقرب. والله تعالى أعلم.

(حتى تطلع الشمس) زاد في رواية مسلم: "حسنًا" أي طلوعاً حسناً، بأن ترتفع، ويخرج وقت النهي عن الصلاة.

وفيه فضل هذا الوقت، وقد أخرج الترمذيّ في "جامعه" عن أنس -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة"، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تامة تامّة تامّة". وفي سنده أبو ظلال القَسْملي ضعمْه الأكثرون، لكن الحديث صحيح بشواهده.

وأخرج أبو داود في "سننه" عن أنس أيضاً، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحبّ إليّ من أن أُعتق أربعةً من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحبّ إليّ من أن أُعتق أربعة". قال الحافظ العراقي: إسناده حسن.

(فيتحدّث أصحابه، يذكرون حديث الجاهلية) جملة في محلّ نصب على الحال من "أصحابه". أي يذكرون الأعمال التي كانوا يعملونها في أيام كونهم غير مسلمين، وإنما كانوا يذكرونها، استقباحًا لها، وشكرًا لما هداهم الله إليه من الدين الحنيف، وأبدلهم أعمالاً صالحة، تنفعهم في الدنيا والآخرة (ويُنشدون الشعر) بضم الياء، من الإنشاد، وهو القراءة.

والشعر: هو الكلام المُقَفَّى الموزون بأوزان مخصوصة قصداً، فلا يسمى ما وقع اتفاقاً شعراً، ولا قائله شاعراً، كقوله -صلى الله عليه وسلم-:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ … وَفِي سَبِيلِ الله مَا لَقيتِ

قال السندي رحمه الله: ولعله الشعر المشتمل على النصائح، أو غير المشتمل على القبائح. انتهى.