للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: (إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ، جُمِعَتْ) بالبناء للمفعول، أي اجتمع الناس لأدائها. زاد وكيع في روايته عن ابن طهمان: "في الإسلام"، أخرجه أبو داود (بَعْدَ جمُعَة مَعَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ) هذا خطأ بلا شكّ، والصواب ما في رواية وكيع "بالمدينة" (جُمعَةٌ بجُوَاثَا) بضم الجيم، وتخفيف الواو، وقد تُهمز، ثم مثلّثة خفيفة (بالْبَحْرَيْن) الجارّ والمجرور بدل مما قبله، أو متعلق بحال محذوف من "جواثى". وفي رواية البخاري: "من البحرين" وفي رواية وكيع. "قرية من قُرَى البحرين" (قَرْية لعَبدِ القَيْس) يحتمل الجرّ بدلاً من "البحرين"، ويحتمل أن يكون بالرفع خبرًا لمحذوف، أي هي قرية لعبد القيس، و "عبد القيس" اسم قبيلة.

وفيه إشعار بتقدم إسلام عبد القيس على غيرهم، من أهل القُرى.

وقد استدل البخاريّ بهذا الحديث على مشروعية الجمعة في القرى والمدن، فقال: في "صحيحه": "باب الجمعة في القرى والمدن".

قال في "الفتح": ووجه الدلالة أن الظاهر أن عبد القيس لم يُجَمّعوا إلا بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، لما عُرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي، ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن، كما استدلّ جابر، وأبو سعيد -رضي الله عنهما- على جواز العزل بأنهم فعلوه، والقرآن ينزل، فلم يُنهَوا عنه.

وحكى الجوهريّ، والزمخشريّ، وابن الأثير: أن جُوَاثى اسم حصن بالبحرين، وهذا لا يُنافي كونها قرية، وحكى ابن التين عن أبي الحسن اللخمي، أنهما مدينة، وما ثبت في نفس الحديث من كونها قرية أصح، مع احتمال أن تكون في الأول قرية، ثم صارت مدينة انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

هذا الحديث خطأ من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه-، وإنما الصواب أنه من رواية ابن عباس -رضي الله عنهما-، كما أخرجه البخاري، وغيره من روايته، والخطأ من المعافى بن عمران، وأيضاً قوله: "بمكة" منكر، فإن المعروف أنه بالمدينة، وقد تقدم الكلام عليه في المسألة الثالثة في "كتاب الجمعة". والله تعالى أعلم.

المسألة الثانية: أن هذا الحديث بهذا السياق من أفراد المصنف رحمه الله تعالى،


(١) "فتح" جـ ٣ ص ٣٦ - ٣٧.