للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للحديث عن ابن عباس، وروينا عن ابن عباس، أنه قال: ليس الغسل بمحتوم.

وممن كان لا يرى الغسل فرضًا لازمًا الأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل والنعمان، وأصحابه.

ثم مال ابن المنذر رحمه الله إلى ترجيح القول بالندبية، راجع كلامه في "الأوسط" (١).

وقال في "الفتح": واستُدلّ بقوله: "واجبٌ" على فرضية غسل الجمعة، وقد حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة، وعمار بن ياسر، وغيرهما، وهو قول أهل الظاهر، وإحدى الروايتين عن أحمد، وحكاه ابن حزم عن عمر، وجمع جَمٍّ من الصحابة، ومن بعدهم، ثم ساق الرواية عنهم، لكن ليس فيها عن أحد منهم التصريح بذلك إلا نادرًا، وإنما اعتمد في ذلك على أشياء محتملة، كقول سعد: ما كنت أظنّ مسلمًا يدع غسل يوم الجمعة، وحكاه ابن المنذر، والخطابي عن مالك، وقال القاضي عياض وغيره: ليس ذلك بمعروف في مذهبه.

قال ابن دقيق العيد: قد نص مالك على وجوبه، فحمله من لم يمارس مذهبه على ظاهره، وأبى ذلك أصحابه انتهى.

والرواية عن مالك بذلك في "التمهيد"، وفيه أيضًا من طريق أشهب عن مالك أنه سئل عنه؟ فقال: حسن وليس بواجب.

وحكاه بعض المتأخرين عن ابن خُزيمة من أصحابنا، وهو غلط عليه، فقد صرّح في "صحيحه" بأنه على الاختيار، واحتجّ لكونه مندوبًا بعدة أحاديث في عدة تراجم.

وحكاه شارح "الغنية" لابن سُريج قولًا للشافعي، واستُغرب. وقد قال الشافعي في "الرسالة" بعد أن أورد حديثي ابن عمر، وأبي سعيد: احتمل قوله: "واجب" معنيين، الظاهر منهما أنه واجب، فلا تُجزىء الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، واحتمل أنه واجب في الاختيار، وكرم الأخلاق والنظافة، ثم استدلّ للاحتمال الثاني بقصة عثمان مع عمر، قال: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل دلّ ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار انتهى.

وعلى هذا الجواب عوّل أكثر المصنفين في هذه المسألة، كابن خُزيمة، والطبري، والطحاويّ، وابن حبان، وابن عبد البرّ، وهَلُمَّ جَرّا.

وزاد بعضهم فيه أن من حضر من الصحابة وافقوهما على ذلك، فكان إجماعًا منهم على أن الغسل ليس شرطًا في صحة الصلاة، وهو استدلال قويّ.


(١) جـ ٤/ ٣٩ - ٤٣.