وأخرجه ابن ماجه من حديث أنس، والطبراني من حديث عبد الرحمن بن سمرة، والبزار من حديث أبي سعيد، وابن عديّ من حديث جابر، وكلها ضعيفة.
وعارضوا أيضًا بأحاديث:
منها: الحديث: "وأن يستنّ، وأن يمسّ طيبًا". قال القرطبي: ظاهره وجوب الاستنان والطيب لذكرهما بالعاطف، فالتقدير الغسل واجب والاستنان والطيب كذلك، قال: وليسا بواجبين اتفاقًا، فدلّ على أن الغسل ليس بواجب، إذ لا يصحّ تشريك ما ليس بواجب مع الواجب بلفظ واحد انتهى.
وقد سبق إلى ذلك الطبري والطحاوي، وتعقبه ابن الجوزيّ بأنه لا يمتنع عطف ما ليس بواجب على الواجب، لاسيما، ولم يقع التصريح بحكم المعطوف.
وقال ابن المنيّر في الحاشية: إن سُلّم أن المراد بالواجب الفرض لم ينفع دفعه بعطف ما ليس بواجب عليه؛ لأن للقائل أن يقول: أُخرج بدليل، فَيَبْقَي ما عداه على الأصل، وعلى أن دعوى الإجماع في الطيب مردودة، فقد روى سفيان بن عُيينة في "جامعه" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه كان يوجب الطيب يوم الجمعة، وإسناده صحيح، وكذا قال بوجوبه بعض أهل الظاهر.
ومنها حديث أبي هريرة مرفوعًا:"من توضأ، فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع، وأنصت غفر له". أخرجه مسلم.
قال القرطبي: ذَكَرَ الوضوء وما معه مرتبًّا عليه الثواب المقتضي للصحّة، قدم على أن الوضوء كاف.
وأجيب: بأنه ليس فيه نفي الغسل، وقد ورد وجه آخر في "الصحيحين" بلفظ: "من اغتسل"، فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدّم غسله على الذهاب، فاحتاج لى إعادة الوضوء.
قال الجامع: وفيه نظر، بل ما قاله القرطبي هو الظاهر. والله تعالى أعلم.
ومنها: حديث ابن عباس -رضي الله عنه- أنه سئل عن غسل يوم الجمعة، أواجب هو؟ فقال: لا، ولكنه أطهر لمن اغتسل، ومن لم يغتسل، فليس بواجب عليه، وسأخبركم عن بدء الغسل، كان الناس مجهودين، يلبسون الصوف، ويعملون، وكان مسجدهم ضيقًا، فلما آذى بعضهم بعضًا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا"، قال ابن عباس: ثم جاء الله بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكُفُوا العمل، ووُسّع المسجد. أخرجه أبو داود، والطحاوي، وإسناده حسن.
لكن الثابت عن ابن عباس خلافه، وعلى تقدير الصحة فالمرفوع منه ورد بصيغة