عن سمرة: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الشاة باللحم": وقد احتج البخاري بالحسن، عن سمرة انتهى.
القول الثاني: أنه لم يسمع منه شيئًا، واختاره ابن حبان في "صحيحه"، فقال في النوع الرابع من القسم الخامس بعد أن روى حديث الحسن، عن سمرة: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت له سكتتان … ": والحسن لم يسمع من سمرة.
وقال صاحب "التنقيح": قال ابن معين: الحسن لم يلقَ سمرة. وقال شعبة: الحسن لم يسمع من سمرة. وقال البرديجيّ: أحاديث الحسن، عن سمرة كتاب، ولا يثبت عنه حديث، قال فيه: سمعت سمرة انتهى كلامه.
القول الثالث: أنه سمع منه حديث العقيقة فقط، قاله النسائي، وإليه مال الدارقطنيّ في "سننه"، فقال في حديث السكتتين: والحسن اختلف في سماعه من سمرة، ولم يسمع منه إلا حديث العقيقة، فيما قاله قُريش بن أنس انتهى.
واختاره عبد الحق في "أحكامه"، فقال عند ذكره هذا الحديث: والحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة.
واختاره البزّار في "مسنده"، فقال في آخر ترجمة سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-:
والحسن سمع من سمرة حديث العقيقة، ثم رغب عن السماع عنه، ولما رجع إلى ولده أخرجوا له صحيفة سمعوها من أبيهم، فكان يرويها عنه من غير أن يُخبر بسماع؛ لأنه لم يسمعها منه انتهى.
روى البخاري في "تاريخه" عن عبد الله بن أبي الأسود، عن قُريش بن أنس، عن حبيب بن الشهيد، قال: قال محمد بن سيرين: سَل الحسنَ ممن سمع حديثه في العقيقة؟ فسألته، فقال: سمعته من سمرة، وعن البخاري رواه الترمذيّ في "جامعه" بسنده ومتنه، ورواه النسائي عن هارون بن عبد الله، عن قُريش. وقال عبد الغنيّ: تفرّد به قريش بن أنس، عن حبيب بن الشهيد.
وقد رده آخرون، وقالوا: لا يصحّ له سماع منه انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول الثاني هو الراجح؛ لأن سماعه منه حديثَ العقيقة صحيح، فنفي السماع على الإطلاق مجرّد دعوى لا يستند إلى دليل فلا يلتفتُ إليه، وأما غير حديث العقيقة، فإن جاء تصريحه بالسماع، فكذلك، وإلا فلا، لكونه يروي عن كتابه، فلابدّ من التصريح بالسماع.
وأما تصحيح حديث الباب هنا فليس لثبوت سماعه، بل لما ذكرناه من الشواهد، فتفطّن. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.