للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(نَوَاضحَنَا) جمع ناضح. وهو البعير الذي يحمل الماء لسقي الزرع، يقال: نَضَحَ البعيرُ الماءَ: حمله من نهر، أو بئر لسقي الزرع، فهو ناضح، والأنثى ناضحة، سمّي ناضحًا لأنه يَنْضَحُ العطشَ، أي يَبُلُّهُ بالماء الذي يحمله، هذا أصله، ثم استعمل الناضح في كلّ بعير، وإن لم يحمل الماء. قاله الفيّومي (١).

وقال النووي رحمه الله: سمي بذلك لأنه ينضح الماء، أي يصبّه.

(قُلْتُ) القائل حسن بن عيّاش، ففي رواية مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وإسحاق ابن إبراهيم: قال حسنٌ: فقلت لجعفر: في أي ساعة تلك؟ … "، أي قلت لجعفر مستفهما ضبطَ الوقت (أَيَّةَ سَاعَة؟) بنصب "آية" على الظرفية، وهي متعلقة بفعل مقدر يدلّ عليه ما قبله.

والظاهر أنه يقدر "أية ساعة تصلون؟ "، وعلى هذا فالظاهر أنهم صلوها وقت الزوال.

ويحتمل أن يقدر "ترجعون"، وعلى هذا فالمتبادر أن الصلاة كانت قبل الزوال، فيكون دليلًا لمن قال بصحتها قبل الزوال، وقد تقدَّم أنه الراجح.

ويحتمل أن تكون "أية" بالرفع خبرًا لمحذوف، تقديره: أيةُ ساعة هي.

[فائدة]: "أية" لغة في "أيّ" الاستفهامية، والأفصح في استعمالها، وكذا الشرطية أن تكون بلفظ واحد للمذكر، والمؤنث؛ لأنها اسم، والاسم لا تلحقه هاء التأنيث الفارقة بين المذكر والمؤنث، نحو أيُّ رجل جاء، وأيُّ امرأة قامت، وعليه قوله تعالى: {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} [غافر: ٨١]، وقال تعالى: {بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤]. وقد تُطابَقُ في التذكير والتأنيث، نحو أي رجل، وأية امرأة، وقُرىء شاذًّا: "بأية أرض تموت"، ومنه هذا الحديث (٢).

(قَالَ) أي جعفر بن محمد (زَوَالُ الشَّمْس) يحتمل النصب على الظرفية لفعل مقدر كسابقه، ويحتمل الردع على أنه خبر لمحذوف، أي هو زوال الشمس، وإنما عرف جعفر ضبط الوقت بإخبار أبيه له، عن جابر -رضي الله عنه-، ففي رواية مسلم من طريق سليمان بن بلال، عن جعفر، عن أبيه، أنه سأل جابر بن عبد الله، متى كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الجمعة؟ قال: كان يصلي، ثم نذهب إلى جمالنا، فنُريحها، زاد في رواية: "حين تزول الشمس". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المصباح" ص ٦٠٩ - ٦١٠.
(٢) "المصباح" ص ٣٤.