للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري: "كان ابتداء النداء الذي ذكره الله في القرآن يوم الجمعة". وله في رواية وكيع، عن ابن أبي ذئب: "كان الأذان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر أذانين يوم الجمعة". قال ابن خُزيمة: قوله: "أذانين" يريد الأذان والإقامة. يعني تغليبًا، أو لاشتراكهما في الإعلام، كما تقدّم في أبواب الأذان.

(كَانَ أَوَّلُ) يحتمل أن يكون مرفوعًا على أنه اسم "كان"، والمضاف إليه مقدرٌ لفظًا، أي أولُهُ، وقد جاء مصرّحًا به في رواية أبي داود، فقد أخرجه من طريق المصنف، ولفظه: "أنّ الأذان كان أولُهُ حين يجلس الإِمام على المنبر … ".

ويحتمل أن يكون مبنياً على الضم لقطعه عن الإضافة لفظا، ونية معناها، فإن للفظ "أول" أربعةَ أحوال، أن يضاف لفظًا، أو يُحذف المضاف إليه، ويُنوى لفظه، أو يُقطع لفظًا ومعنًى، ففي هذه الأحوال الثلاثة يُعرب، والحالة الرابعة أن يقطع لفظه عن الإضافة، وينوى معناها، ففي هذه الحالة يُبنى على الضمّ، ونظيره "غير"، و"قبل" و"بعد"، و"حسبُ"، و"دونُ"، وأسماء الجهات الست، وإلى هذا أشار ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة" بقوله:

وَاضْمُمْ بِنَاءً غَيْرًا إنْ عَدِمْتَ مَا … لَهُ أُضِيفَ نَاوِيًا مَا عُدِمَا

قَبْلُ كَغَيْرُ بَعْدُ حَسْبُ أَوَّلُ … وَدُونُ وَالْجِهَاتُ أَيْضًا وَعَلُ

وَأَعْرَبُوا نَصْبًا إِذَا مَا نُكِّرَا … قَبْلًا وَمَا مِنْ بَعْدِهِ قَد ذُكِرَا

ويحتمل أن يكون منصوبا على الظرفية بتقدير لفظ المضاف إليه، أي أوّلَ الأمر، وهو متعلق بـ"كان"؛ لأنها -وإن كانت ناقصة- تُعلّق الظرف، والجارّ والمجرور على الأصح، ويؤيد هذا الوجه أنه وقع في "الكبرى" بلفظ "كان أوّلًا".

(حِينَ يَجْلِسُ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ) بكسر الميم، سمي به لارتفاعه، وكُسرت ميمه تشبيهًا له بالآلة. قاله الفيومي رحمه الله تعالى.

وفي رواية ابن خزيمة من طريق أبي عامر، عن ابن أبي ذئب: "إذا خرج الإِمام، وإذا أقييت الصلاة"، وكذا للبيهقي من طريق ابن أبي فُديك، عن ابن أبي ذئب. وفي رواية المصنف الآتية بعد حديث، من طريق سليمان التيمي، عن الزهري: "كان بلال يؤذّن إذا جلس النبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، فإذا نزل أقام".

قال المهلّب رحمه الله تعالى: الحكمة في جعل الأذان في هذا المحلّ ليَعرف الناسُ بجلوس الإِمام على المنبر، فينصتوا له إذا خطب.

قال الحافظ رحمه الله تعالى: وفيه نظر، فإن في سياق ابن إسحاق عند الطبراني وغيره عن الزهريّ في هذا الحديث: إن بلالًا كان يؤذن على باب المسجد"، فالظاهر