للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالزوراء -والزوراء بالمدينة عند السوق- … " الحديث.

(فَثَبَتَ) وفي نسخة "وثبت" بالواو (الأَمْرُ عَلَى ذَلكَ) أي استمرّ أمر الأذان على ما أحدثه عثمان -رضي الله عنه-. وفي رواية أبي عامر، عن ابن أبي ذئب، عند ابن خزيمة: "فثبت ذلك حتى الساعةَ".

قال الحافظ رحمه الله: والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد، إذ ذاك، لكونه خليفةَ مُطاعَ الأمر، لكن ذكر الفاكهانيّ أن أول من أحدث الأذان الأول بمكّة الْحَجّاج، وبالبصرة زياد، وبلغني أن أهل المغرب الأدنى الآن لا تأذين عندهم سوى مرة.

ورى ابن أبي شيبة من طريق ابن عمر، قال: "الأذان الأول يوم الجمعة بدعة"، فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الإنكار، ويحتمل أنه يريد أنه لم يكن في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكلّ ما لم يكن في زمنه يُسمى بدعة، لكن منها ما يكون حسنًا، ومنها ما يكون بخلاف ذلك.

وتبيّن بما مضى أن عثمان أحدثه لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة، قياسًا على بقية الصلوات، فألحق الجمعة بها، وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب، وفيه استنباط معنى من الأصل لا يبطله.

وأما ما أحدث الناس قبل وقت الجمعة من الدعاء إليها بالذكر، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو في بعض البلاد، دون بعض، واتباع السلف الصالح أولى انتهى.

[تنبيهان] ذكرهما الحافظ رحمه الله تعالى:

[الأول]: ورد ما يخالف هذا الخبر أن عمر -رضي الله عنه- هو الذي زاد الأذان، ففي تفسير جُويبر، عن الضحّاك، من زيادة الراوي، عن بُرد بن سنان، عن مكحول، عن معاذ -رضي الله عنه-: "أن عمر أمر مؤذّنَين أن يؤذنا للناس الجمعة (١) خارجا من المسجد حتى يسمع الناس، وأمر أن يؤذن بين يديه، كما كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر، ثم قال عمر: نحن ابتدعناه لكثرة المسلمين انتهى.

وهذا منقطع بين مكحول ومعاذ، ولا يثبت؛ لأن معاذا كان خرج من المدينة إلى الشام في أول ما غزوا الشام، واستمرّ إلى أن مات بها في طاعون عمواس.

وقد تواردت الروايات أن عثمان هو الذي زاده، فهو المعتمد.

قال: ثم وجدت لهذا الأثر ما يُقوّيه (٢)، فقد أخرج عبد الرزّاق، عن ابن جريج،


(١) هكذا نسخة "الفتح" الجمعة، ولعل الأولى (في الجمعة).
(٢) قال الجامع: في تقوية هذا الأثر لما قبل له نظر.